البحائر والسوائب والوصائل والحوامي (١) التي كانوا يزعمون أنها تعتق وتقصى لأجل الآلهة. فقوله (وَأَنْعامٌ) خبر لمبتدأ محذوف والجملة معطوفة على قوله (هذِهِ أَنْعامٌ).
وأما النوع الثالث من أنواع اختراعاتهم الذي ذكرته الآية فهو قوله : (وَأَنْعامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللهِ عَلَيْهَا).
أى : وقالوا أيضا هذه أنعام لا يذكر اسم الله عليها عند الذبح ، وإنما يذكر عليها أسماء الأصنام لأنها ذبحت من أجلها.
وقد عقب ـ سبحانه ـ على تلك الأقسام الثلاثة الباطلة بقوله : (افْتِراءً عَلَيْهِ) أى فعلوا ما فعلوا من هذه الأباطيل وقالوا ما قالوا من تلك المزاعم من أجل الافتراء على الله وعلى دينه ، فإنه ـ سبحانه ـ لم يأذن لهم في ذلك ولا رضيه منهم.
ثم ختمت الآية بهذا التهديد الشديد حيث قال : ـ سبحانه ـ (سَيَجْزِيهِمْ بِما كانُوا يَفْتَرُونَ) أى : سيجزيهم الجزاء الشديد الأليم بسبب هذا الافتراء القبيح.
ثم يحكى القرآن الرذيلة الرابعة من رذائلهم وملخصها : أنهم زعموا أن الأجنة التي في بطون هذه الأنعام المحرمة ، ما ولد منها حيا فهو حلال للرجال ومحرم على النساء ، وما ولد ميتا اشترك في أكله الرجال والنساء.
استمع إلى القرآن وهو يفضح زعمهم هذا فيقول : (وَقالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا ، وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا ، وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ) ومرادهم بما في بطون هذه الأنعام أجنة البحائر والسوائب.
أى : ومن فنون كفرهم أنهم قالوا ما في بطون هذه الأنعام المحرمة إذا نزل منها حيا فأكله حلال للرجال دون والنساء ، وإذا نزل ميتا فأكله حلال للرجال والنساء على السواء.
وفي رواية العوفى عن ابن عباس أن المراد بما في بطونها اللبن ، فقد كانوا يحرمونه على إناثهم ويشربه ذكرانهم وكانت الشاة إذا ولدت ذكرا ذبحوه ، وكان للرجال دون النساء ، وإن كانت أنثى تركت فلم تذبح ، وإن كانت ميتة فهم فيه شركاء.
قال بعضهم : «ومن مباحث اللفظ في الآية أن قوله «خالصة» فيه وجوه :
__________________
(١) البحيرة : الناقة التي تلد خمسة أبطن آخرها ذكر كانوا يشقون أذنها ويتركونها لآلهتهم والسائبة : اسم للناقة التي يتركها صاحبها فلا تنحر لأنها نجت في الحرب أو نذرها للأصنام.
والوصيلة : اسم للناقة التي تلد أول ما تلد أنثى ثم تثنى بأنثى كانوا يتركونها للأصنام والحام : اسم للفحل إذا لقح ولد ولده قالوا حمى ظهره فلا يركب ويترك حتى يموت.