بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥٤) وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ (٥٥) قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ قُلْ لا أَتَّبِعُ أَهْواءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَما أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) (٥٦)
السلام والسلامة مصدران من الثلاثي. يقال سلم فلان من المرض أو من البلاء سلاما وسلامة ومعناهما البراءة والعافية. ويستعمل السلام في التحية ، وهو بمعنى الدعاء بالسلامة من كل سوء ، فهو آية المودة والأمان والصفاء.
والمعنى : وإذا حضر إلى مجالسك يا محمد أولئك الذين يؤمنون بآياتنا ويعتقدون صحتها فقل لهم : تحية لكم من خالقكم وبشارة لكم بمغفرته ورضوانه مادمتم متبعين لهديه ، ومحافظين على فرائضه.
(كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) أى أنه سبحانه أوجب على نفسه الرحمة لعباده تفضلا منه وكرما.
ثم بين سبحانه أصلا من أصول الدين في هذه الرحمة المكتوبة فقال (أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
أى أنه من عمل منكم عملا تسوء عاقبته متلبسا بجهالة دفعته إلى ذلك السوء كغضب شديد ثم تاب من بعد تلك الجهالة وأصلح خطأه وندم على ما بدر منه ، ورد المظالم إلى أهلها ، فالله سبحانه شأنه في معاملته لهذا التائب النادم أنه غفور رحيم».
ثم قال تعالى (وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ) المنزلة في بيان الحقائق التي يهتدى بها أهل النظر الصحيح والفقه الدقيق.
(وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ) أى ولأجل أن يظهر بها طريق المجرمين فيمتازوا بها عن جماعة المسلمين.
ثم أمر الله ـ تعالى ـ نبيه صلىاللهعليهوسلم ، أن يصارح أعداءه ببراءته من شركهم ومن اتباع باطلهم فقال ـ تعالى ـ : (قُلْ إِنِّي نُهِيتُ).