والمعنى : قل لهم أيها الرسول الكريم أخبرونى عن مصيركم إن أتاكم عذاب الله مباغتا ومفاجئا لكم من غير ترقب ولا انتظار ، أو أتاكم ظاهرا واضحا بحيث ترون مقدماته ومباديه ، هل يهلك به إلا القوم الظالمون؟.
والاستفهام في قوله (هَلْ يُهْلَكُ) بمعنى النفي ، أى : ما يهلك به إلا القوم الظالمون ، الذين أصروا على الشرك والجحود ، فهلاكهم سببه السخط عليهم والعقوبة لهم ، لأنهم عموا وصموا عن الهداية.
ثم بين ـ سبحانه ـ وظيفة الرسل فقال : (وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ) ، أى : تلك سنتنا وطريقتنا في إهلاك المكذبين للرسل ، والمعرضين عن دعوتهم ، فإننا ما نرسل المرسلين إليهم إلا بوظيفة معينة محددة هي تقديم البشارة لمن آمن وعمل صالحا ، وسوق الإنذار لمن كذب وعمل سيئا.
فالجملة الكريمة كلام مستأنف مسوق لبيان وظيفة الرسل ـ عليهم الصلاة والسلام ـ ولإظهار أن ما يقترحه المشركون عليهم من مقترحات باطلة ليس من وظائف المرسلين أصلا.
ثم بين ـ سبحانه ـ عاقبة من آمن وعاقبة من كفر فقال : (فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ، وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا يَمَسُّهُمُ الْعَذابُ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ).
والمعنى : فمن آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وأصلح في عمله. فلا خوف عليهم من عذاب الدنيا الذي ينزل بالجاحدين ، ولا من عذاب الآخرة الذي يحل بالمكذبين ، ولا هم يحزنون يوم لقاء الله على شيء فاتهم.
والمس اللمس باليد ، ويطلق على ما يصيب المرء من ضر أو شر ـ في الغالب ـ وفي قوله (يَمَسُّهُمُ الْعَذابُ) استعارة تبعية ، فكأن العذاب كائن حي يفعل بهم ما يريد من الآلام والعذاب.
ثم لقن الله ـ تعالى ـ رسوله صلىاللهعليهوسلم الأجوبة الحاسمة التي تدمغ شبهات الكافرين ، وتبين ضلال مقترحاتهم فقال :
(قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ