وقوله : (وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ) معناه : ومثل ذلك الجزاء الرهيب نجزى جنس المجرمين ، الذين صار الاجرام وصفا لازما لهم.
ثم بين ـ سبحانه ـ ما أعد لهم في النار فقال : (لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ ، وَكَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ).
جهنم : اسم لدار العذاب. والمهاد : الفراش. والغواشي جمع غاشية ، وهي ما يغشى الشيء أى يغطيه ويستره.
أى : أن هؤلاء المكذبين لهم نار جهنم تحيط بهم من فوقهم ومن تحتهم ، فهي من تحتهم بمنزلة الفراش ، ومن فوقهم بمثابة الغطاء ، ومثل ذلك الجزاء نجزى كل ظالم ومشرك. وإلى هنا تكون الآيات الكريمة قد بينت لنا بأسلوب مؤثر مصور حال المشركين عند ما تقبض أرواحهم ، وحالهم عند ما يقفون أمام الله للحساب ، وحالهم عند ما يلعن بعضهم بعضا ، وحالهم والعذاب من فوقهم ومن أسفل منهم ، وهي مشاهد تفزع النفوس ، وتحمل العقلاء على الاستقامة والاهتداء.
ثم نرى السورة بعد ذلك تسوق لنا ما أعده الله للمؤمنين بعد أن بينت فيما سبق عاقبة الكافرين فقال ـ تعالى ـ :
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٤٢) وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٤٣)
أى : والذين آمنوا بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وعملوا الأعمال الصالحة التي لا عسر فيها ولا مشقة ، إذ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ، أولئك الجامعون بين الإيمان والعمل الصالح ، هم أصحاب الجنة هم فيها خالدون.