أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (١٢١) أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١٢٢)
روى أبو داود بسنده عن ابن عباس قال : أتى ناس إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقالوا يا رسول الله إنا نأكل ما نقتل ولا نأكل ما يقتل الله ـ فأنزل الله ـ (فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ). إلى قوله (وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) (١).
وذكر الواحدي أن المشركين قالوا : يا محمد أخبرنا عن الشاة إذا ماتت من قتلها فقال الله قتلها. قالوا. فتزعم أن ما قتلت أنت وأصحابك حلال وما قتل الصقر أو الكلاب حلال وما قتله الله حرام فأنزل الله ـ تعالى ـ قوله : (فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) الآية : (٢).
والخطاب في الآية الكريمة للمؤمنين الذين ضايقهم جدال المشركين لهم في شأن الذبائح.
والمعنى كلوا أيها المؤمنون مما ذكر اسم الله عليه عند ذبحه واتركوا ما ذكر عليه اسم غيره كالأوثان أو ما ذبح على النصب ، أو ما ذكر اسم مع اسمه ـ تعالى ـ أو ما مات حتف أنفه ، ولا تضرنكم مخالفتكم للمشركين في ذلك فإنهم ما يتبعون في عقائدهم ومآكلهم وأعمالهم إلا تقاليد الجاهلية وأوهامها التي لا ترتكز على شيء من الحق.
والفاء في قوله : (فَكُلُوا) يرى الزمخشري أنها جواب لشرط مقدر والتقدير : إن كنتم محقين في الإيمان فكلوا ، ويرى غيره أنها معطوفة على محذوف والتقدير «كونوا على الهدى فكلوا».
وقوله : (إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ) أى : إن كنتم بآياته التي من جملتها الآيات الواردة في هذا الشأن مؤمنين ، فإن الإيمان بها يقتضى استباحة ما أحله سبحانه واجتناب ما حرمه.
ثم أنكر ـ سبحانه ـ عليهم ترددهم في أكل ما أحله الله من طعام لأنهم لم يتعودوه قبل ذلك فقال : (وَما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ).
__________________
(١) أخرجه أبو داود في كتاب الأضاحى ـ باب ذبائح أهل الكتاب. حديث رقم ٢٨١ طبعة فؤاد عبد الباقي.
(٢) تفسير الآلوسى ج ٨ ص ١٢.