وقوله (كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ) استئناف ، أو حال من ضمير الوصف ، أو وصف آخر لقلب الضال ، والمراد المبالغة في ضيق صدره حيث شبه بمن يزاول ما لا يقدر عليه. فإن صعود السماء مثل فيما هو خارج عن دائرة الاستطاعة.
أى : كأنما إذا دعى إلى الإسلام قد كلف الصعود إلى السماء وهو لا يستطيعه بحال. ويصعد أى : يتصعد ، بمعنى يتكلف الصعود فلا يقدر عليه.
وفيه إشارة إلى أن الإيمان يمتنع منه كما يمتنع منه الصعود.
وقوله : (كَذلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) أى : مثل جعل الصدر ضيقا حرجا بالإسلام ، يجعل الله الرجس. أى : العذاب ، أو الخذلان ، أو اللعنة في الدنيا على الذين لا يؤمنون بالإسلام.
ثم بين ـ سبحانه ـ أن طريق الإسلام هو الطريق الحق المستقيم فقال :
(وَهذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً) أى : وهذا البيان الذي جاء به القرآن ، أو سبيل التوحيد ، وإسلام الوجه إلى الله ، هو طريق ربك الواضح المستقيم الذي ارتضاه لعباده ، والذي لا ميل فيه إلى إفراط أو تفريط في الاعتقادات والأخلاق والأعمال.
و (مُسْتَقِيماً) حال مؤكدة لصاحبها وعاملها محذوف وجوبا مثل : هذا أبوك عطوفا ، وقيل حال مؤسسة والعامل فيها معنى الإشارة أو (ها) التي للتنبيه.
وقوله : (فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ) أى : جعلناها بينة واضحة مفصلة لقوم يتذكرون ما فيها من هدايات وإرشادات فيعملون بها لينالوا السعادة في الدنيا والآخرة.
* * *
ثم بين ـ سبحانه ـ ما أعده للمتذكرين فقال :
(لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٢٧) وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقالَ أَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا قالَ النَّارُ مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها إِلاَّ ما شاءَ اللهُ إِنَّ