والسرور وما يفضى إليهما أو إلى أحدهما» (١).
والخير : اسم لكل ما كان فيه منفعة أو مصلحة حاضرة أو مستقبله.
والمعنى : إن الناس جميعا تحت سلطان الله وقدرته ، فما يصيبهم من ضر كمرض وتعب وحزن اقتضته سنة الله في هذه الحياة ، فلا كاشف له إلا هو ، وما يصيبهم من خير كصحة وغنى وقوة وجاه فهو ـ سبحانه ـ قادر على حفظه عليهم ، وإبقائه لهم ، لأنه على كل شيء قدير.
والخطاب في الآية يصح أن يكون موجها إلى النبي صلىاللهعليهوسلم لتقويته في دعوته ، وتثبيته أمام كيد الأعداء وأذاهم ، كما يصح أن يكون لكل من هو أهل للخطاب.
قال صاحب المنار : «ومن دقائق بلاغة القرآن المعجزة ، تجرى الحقائق بأوجز العبارات ، وأجمعها لمحاسن الكلام مع مخالفته بعضها في بادئ الرأى لما هو الأصل في التعبير ، كالمقابلة هنا بين الضر والخير ، وإنما مقابل الضر النفع ومقابل الخير الشر ، فنكتة المقابلة أن الضر من الله ليس شرا في الحقيقة بل هو تربية واختبار للعبد يستفيد به من هو أهل للاستفادة أخلاقا وأدبا وعلما وخبرة. وقد بدأ بذكر الضر لأن كشفه مقدم على نيل مقابله ، كما أن صرف العذاب في الآخرة مقدم على النعيم» (٢).
وقوله : (وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ) جوابه محذوف تقديره : فلا راد له غيره.
وقوله : (فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) تعليل لكل من الجوابين المذكورين في الشرطية الأولى والمحذوف في الثانية.
وفي معنى هذه الآية جاءت آيات أخرى منها قوله ـ تعالى ـ : (ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها ، وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ ، وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٣).
وفي الحديث الشريف أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يقول : «اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطى لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد».
ثم بين ـ سبحانه ـ كمال قدرته ، وعظيم سلطانه فقال : (وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ).
أى أنه ـ كما قال ابن كثير ـ «هو الذي خضعت له الرقاب ، وذلت له الجباه. وعنت له الوجوه ، وقهر كل شيء ، ودانت له الخلائق ، وتواضعت لعظمة جلاله وكبريائه الأشياء ، وتضاءلت بين يديه وتحت قهره وحكمه».
__________________
(١) تفسير الفخر الرازي ج ٤ ص ١٨.
(٢) تفسير المنار ج ٧ ص ٣٣٥.
(٣) سورة فاطر : آية ٢.