(وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (١٨١) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (١٨٢) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (١٨٣) أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ (١٨٤) أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (١٨٥) مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١٨٦)
وقوله (وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) معطوف على قوله (وَلَقَدْ ذَرَأْنا) قبل ذلك ، لأن كلتيهما تفصيل لإجمال قوله ـ تعالى ـ (مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي).
أى : وممن خلقنا للجنة ـ لأنه في مقابلة (وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ) ـ أمة يهدون بالحق ، أى : يدعون إليه ويسيرون عليه ، وبه يعدلون أى : به يقضون وينصفون الناس.
وقد وردت آثار تفيد أن المراد بهذه الأمة : الأمة المحمدية ففي الصحيحين عن معاوية بن أبى سفيان قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «لا تزال طائفة من أمتى على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم حتى تقوم الساعة ، وفي رواية : «حتى يأمر الله وهم على ذلك» :
وقال قتادة : بلغنا أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان إذا قرأ هذا الآية يقول : هذه لكم ، وقد أعطى القوم بين أيديكم مثلها.
وعن الربيع بن أنس ـ في هذه الآية ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم إن من أمتى قوما على الحق حتى ينزل عيسى بن مريم متى ما نزل».
وقد استدل بعض العلماء بهذه الآية على أن الإجماع حجة في كل عصر ، وعلى أنه لا يخلو عصر من مجتهد إلى قيام الساعة.
ثم ذكر ـ سبحانه ـ حال المكذبين فقال. (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ).