لا يؤمن به وابتعدوا هم عنه حتى لا يتأثروا به فيدخلوا في دين الإسلام ، ولقد حكى الله عنهم هذا المعنى في قوله ـ تعالى ـ (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) (١).
والضمير في قوله ـ تعالى ـ (عَنْهُ) يرجع إلى النبي صلىاللهعليهوسلم وما جاء به من آيات.
ويرى بعض المفسرين أن الضمير «هم» يرجع إلى عشيرة النبي صلىاللهعليهوسلم فيكون المعنى : وهم ـ أى أعمام النبي صلىاللهعليهوسلم وعشيرته ينهون الناس عن إيذائه والتعرض له بسوء ، ولكنهم في الوقت نفسه ينأون عنه أى يبتعدون عن دعوته فلا يؤمنون بها ، ولعل أوضح مثل لذلك أبو طالب ، فقد كان يدافع عن النبي صلىاللهعليهوسلم إلا أنه لم يدخل في الإسلام مع تصريحه بأنه هو الدين الحق.
ومما روى عنه في هذا المعنى قوله :
والله لن يصلوا إليك بجمعهم |
|
حتى أوسد في التراب دفينا |
فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة |
|
وابشر بذاك وقر منك عيونا |
ودعوتني وزعمت أنك ناصحي |
|
فلقد صدقت وكنت قبل أمينا |
وعرضت دينا قد عرفت بأنه |
|
من خير أديان البرية دينا |
لو لا الملامة أو حذار مسبة |
|
لوجدتني سمحا بذاك يقينا |
والذي تطمئن إليه النفس أن الرأى الأول هو الأرجح. لأن الكلام مسوق في بيان موقف المشركين من النبي صلىاللهعليهوسلم ، وأنهم قد بلغ بهم السفه والعناد أنهم لا يكتفون بالإعراض عن الحق الذي جاء به محمد صلىاللهعليهوسلم بل تعدى شرهم إلى غيرهم ، وأنهم كانوا يحرضون الناس على إيذائه وعلى الابتعاد عنه.
ثم يصور ـ سبحانه ـ حالهم عند ما يعرضون على النار ، وعند ما يقفون أمام ربهم ، وحكى ما يقولونه في تلك المواقف الشديدة فقال تعالى :
(وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢٧) بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ
__________________
(١) سورة فصلت آية ٢٦.