يتبعهم بعد المعرفة بمحمد صلىاللهعليهوسلم. ومحمد صلىاللهعليهوسلم هو الذي يدعو إلى الطريق ، والطريق هو الإسلام» (١).
ثم أمر الله نبيه صلىاللهعليهوسلم أن يرد على الكفار بما يخرس ألسنتهم فقال :
(قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) أى : قل يا محمد لهؤلاء المشركين إن هدى الله الذي أرسلت به رسله هو الهدى وحده وما وراءه ضلال وخذلان ، وأمرنا لنسلم وجوهنا لله رب العالمين.
قال صاحب الكشاف : فإن قلت : فما محل الكاف في قوله «كالذي استهوته» قلت : النصب على الحال من الضمير في (نُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا) أى : أننكص مشبهين من استهوته الشياطين؟ فإن قلت ما معنى (اسْتَهْوَتْهُ)؟ قلت هو استفعال من هوى في الأرض أى ذهب فيها ، كأن معناه : طلبت هويه وحرصت عليه ، فإن قلت : فما محل أمرنا؟ قلت : النصب عطفا على محل قوله : (إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى) على أنهما مقولان كأنه قيل : قل هذا القول وقل أمرنا لنسلم (٢).
وقوله (وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ) معطوف على محل (لِنُسْلِمَ) كأنه قيل أمرنا لنسلم وأمرنا أيضا بإقامة الصلاة والاتقاء.
وفي تخصيص الصلاة بالذكر من بين أنواع الشرائع وعطفها على الأمر بالإسلام ، وقرنها بالأمر بالتقوى دليل على تفخيم أمرها وعظمة شأنها.
وقوله (وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) جملة مستأنفة موجبة لامتثال ما أمر من الأمور الثلاثة ، أى : هو الذي تعودون إليه يوم القيامة للحساب لا إلى غيره.
وقوله (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِ) معطوف على قوله (وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ).
قال الآلوسى : «ولعله أريد بخلقهما خلق ما فيهما ـ أيضا ـ وعدم التصريح بذلك لظهور اشتمالهما على جميع العلويات والسفليات.
وقوله «بالحق» متعلق بمحذوف وقع حالا من فاعل «خلق» أى : قائما بالحق ، وجوز أن يكون صفة لمصدر الفعل المؤكد أى : خلقا متلبسا بالحق».
__________________
(١) تفسير ابن كثير ج ٢ ص ١٤٥.
(٢) تفسير الكشاف ج ٢ ص ٣٧.