نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ ، وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى ، وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ ، وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ) (١).
ومنها قوله ـ تعالى ـ (وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ* لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ) (٢).
ثم حكى القرآن بعض مقترحاتهم المتعنتة ورد عليها بما يدحضها فقال :
(وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ ، وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ* وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً ، وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ).
أى : قال الكافرون للنبي صلىاللهعليهوسلم هلا كان معك ملك يا محمد لكي يشهد بصدقك ونسمع كلامه ، ونرى هيئته ، وحينئذ نؤمن بك ونصدقك.
قال محمد بن إسحاق «دعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ قومه إلى الإسلام ، وكلمهم فأبلغ إليهم ، فقال له زمعة بن الأسود بن المطلب والنضر بن الحارث بن كلده ، وعبد بن يغوث وأبى بن خلف بن وهب والعاص بن وائل بن هشام : لو جعل معك يا محمد ملك يحدث عنك الناس ويروى معك».
فهم لا يريدون ملكا لا يرونه ، وإنما يريدون ملكا يمشى معه ويشاهدونه بأعينهم.
وأسند ـ سبحانه ـ القول إليهم مع أن القائل بعضهم ، لأنهم جميعا متعنتون جاحدون ، وما يصدر عن بعضهم إنما هو صادر في المعنى عن جميعهم لأن الباعث واحد ، ولو لا هنا للتحضيض فلا تحتاج إلى جواب.
أى : وقال الكافرون للنبي صلىاللهعليهوسلم هلا كان معك ملك يا محمد لكي يشهد بصدقك ونسمع كلامه ، ونرى هيئته ، وحينئذ نؤمن بك ونصدقك.
وقد رد الله تعالى ـ على قولهم هذا بردين حكيمين :
أما الرد الأول : فقال فيه : (وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ).
أى : لو أنزلنا ملكا كما اقترح هؤلاء الكافرون وهم على ما هم عليه من الكفر والجحود ، لقضى الأمر بإهلاكهم ، ثم لا ينظرون ، أى : لا يؤخرون ولا يمهلون ليؤمنوا ، بل يأخذهم العذاب عاجلا ، فقد مضت سنة الله فيمن قبلهم ، أنهم كانوا إذا اقترحوا آية وأعطوها ولم
__________________
(١) سورة الأنعام الآية : ١١١.
(٢) سورة الحجر الآيتان : ١٤ ، ١٥.