فقام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وكبر وكبر أصحابه ، وقال لأمير المؤمنين عليهالسلام : «تقدّم إلى بني النّضير» فأخذ أمير المؤمنين عليهالسلام الراية وتقدّم ، وجاء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأحاط بحصنهم ، وغدر [بهم] عبد الله بن أبيّ.
وكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا ظهر بمقدّم بيوتهم حصّنوا ما يليهم وخرّبوا ما يليه ، وكان الرجل منهم ممّن كان له بيت حسن خرّبه ، وقد كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أمر بقطع نخلهم فجزعوا من ذلك (١) ، فقالوا : يا محمد ، إن الله يأمرك بالفساد؟ إن كان لك هذا فخذوه ، وإن كان لنا فلا تقطعه ؛ فلما كان بعد ذلك قالوا : يا محمد ، نخرج من بلادك فأعطنا مالنا. فقال : «لا ، ولكن تخرجون [ولكم ما حملت الإبل» فلم يقبلوا ذلك فبقوا أياما ، ثم قالوا : نخرج ولنا ما حملت الإبل. قال : «لا ، ولكن تخرجون] ولا يحمل أحد منكم شيئا ، فمن وجدنا معه شيئا قتلناه».
فخرجوا على ذلك ، ووقع قوم منهم إلى فدك ووادي القرى ، وخرج منهم قوم إلى الشام ، فأنزل الله فيهم : (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ فَأَتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا) إلى قوله تعالى : (وَمَنْ يُشَاقِّ اللهَ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) وأنزل الله عليه فيما عابوه من قطع النخل : (ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ) إلى قوله : (رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ)(٢).
وأنزل الله عليه في عبد الله بن أبيّ وأصحابه : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا
__________________
(١) أقول : وهو قوله تعالى : (ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ) (الحشر : ٥).
(٢) الحشر : ٥ ـ ١٠.