الله ، وهو قوله : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ) الحق ، ولا يعلمون عظمة الله ، وشدة عقابه (لا يُقاتِلُونَكُمْ) معاشر المؤمنين (جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ) أي ممتنعة حصينة. المعنى أنهم لا يبرزون لحربكم ، وإنما يقاتلونكم متحصنين بالقرى (أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ) أي : يرمونكم من وراء الجدران ، بالنبل والحجر. (بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ) أي عداوة بعضهم لبعض شديدة ، يعني أنهم ليسوا بمتفقي القلوب. وقيل : معناه قوتهم فيما بينهم شديدة ، فإذا لاقوكم جبنوا ، ويفزعون منكم بما قذف الله في قلوبهم من الرعب. (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً) أي مجتمعين في الظاهر (وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى) أي مختلفة متفرقة. خذلهم الله باختلاف كلمتهم. وقيل : إنه عنى بذلك قلوب المنافقين ، وأهل الكتاب. (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ) ما فيه الرشد مما فيه الغي ، وإنما كان قلوب من يعمل بخلاف العقل شتى ، لاختلاف دواعيهم وأهوائهم ، وداعي الحق واحد وهو العقل الذي يدعو إلى طاعة الله ، والإحسان في الفعل. (كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيباً) أي مثلهم في اغترارهم بعددهم وبقوتهم وبقول المنافقين ، كمثل الذين من قبلهم ، يعني المشركين الذين قتلوا ببدر ، وذلك قبل غزاة بني النضير لستة أشهر. وقيل : إن (الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيباً) هم بنو قينقاع. وذلك أنهم نقضوا العهد مرجع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من بدر ، فأمرهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يخرجوا. وقال عبد الله بن أبي : لا تخرجوا فإني آتي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فأكلمه فيكم ، أو أدخل معكم الحصن. فكان هؤلاء أيضا في إرسال عبد الله بن أبي إليهم ، ثم ترك نصرتهم كأولئك. (ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ) أي عقوبة كفرهم (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) في الآخرة.
ثم ضرب سبحانه لليهود والمنافقين مثلا فقال : (كَمَثَلِ الشَّيْطانِ) أي مثل المنافقين في غرورهم لبني النضير ، وخذلانهم إياهم ، كمثل الشيطان (إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ) وهو عابد بني إسرائيل ، عن ابن عباس قال : إنه كان في