ففزعوا إلى أبي بكر وعمر ، فوجدوهما قد خرجا فزعين إلى علي عليهالسلام ، فتبعهما الناس إلى أن انتهوا إلى [باب] علي عليهالسلام ، فخرج إليهم علي عليهالسلام غير مكترث لما هم فيه ، فمضى فاتبعه الناس حتى انتهى إلى تلعة (١) ، فقعد عليها وقعدوا حوله وهم ينظرون إلى حيطان المدينة ترتج جائية وذاهبة ، فقال لهم علي عليهالسلام كأنكم قد هالكم ما ترون؟ قالوا : وكيف لا يهولنا ولم نر مثلها قط! فحرّك شفتيه ثم ضرب الأرض بيده ، ثم قال : مالك؟ اسكني ، فسكنت ، فعجبوا من ذلك أكثر من تعجبهم أولا حيث خرج إليهم ، قال [لهم] : فإنكم قد تعجبتم من صنعي؟ قالوا : نعم ، قال : أنا الرجل الذي قال الله تعالى : (إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها) فأنا الإنسان الذي يقول لها : مالك (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها) إياي تحدّث أخبارها» (٢).
وقال الفضل بن الزبير : إن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام كان جالسا في الرحبة (٣) فتزلزلت الأرض ، فضربها علي عليهالسلام بيده ، ثم قال لها : «قرّي ، إنه ما هو قيام ، ولو كان ذلك لأخبرتني ، وإني أنا الذي تحدثه الأرض أخبارها ، ثم قرأ : (إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها) أما ترون أنها تحدّث عن ربها؟» (٤).
__________________
(١) التلعة : ما انهبط من الأرض ، وقيل : ما ارتفع ، وهو من الأضداد. «لسان العرب : ج ٨ ، ص ٣٦».
(٢) علل الشرائع : ص ٥٥٦ ، ح ٨.
(٣) الرّحبة : بالضم : بقرب القادسية ، على مرحلة من الكوفة على يسار الحجاج إذا أرادوا مكة ، والرحبة ، بالفتح : هي محلة بالكوفة تنسب إلى خنيس بن سعد : «مراصد الإطلاع : ج ٢ ، ص ٦٠٨».
(٤) تأويل الآيات : ج ٢ ، ص ٨٣٥ ، ح ٢.