رجل شاكين في السلاح ، فلما رآهم علي عليهالسلام خرج إليهم في نفر من أصحابه ، فقالوا لهم : من أنتم؟ ومن أين أقبلتم؟ وأين تريدون؟ قال : أنا علي بن أبي طالب ، ابن عم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأخوه ، ورسوله إليكم ، أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، ولكم [وإن آمنتم] ما للمسلمين وعليكم ما عليهم من خير وشرّ. فقالوا له : إياك أردنا ، وأنت طلبتنا (١) ، قد سمعنا مقالتك وما عرضت علينا ، [هذا ما لا يوافقنا] ، فخذ حذرك ، واستعدّ للحرب العوان (٢) ، واعلم أنا قاتلوك وقاتلو أصحابك ، والموعود فيما بيننا وبينك غدا ضحوة ، وقد أعذرنا فيما بيننا وبينك.
فقال [لهم] علي عليهالسلام : ويلكم تهددوني بكثرتكم وجمعكم ، فأنا أستعين بالله وملائكته والمسلمين عليكم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، فانصرفوا إلى مراكزهم ، وانصرف علي عليهالسلام إلى مركزه ، فلما جنّ الليل أمر أصحابه أن يحسنوا إلى دوابهم ويقضموا (٣) ويحسوا (٤) ويسرجوا ، فلما انشق عمود الصبح صلى بالناس بغلس ، ثم أغار عليهم بأصحابه ، فلم يعلموا حتى وطئتهم الخيل ، فما أدرك آخر أصحابه حتى قتل مقاتليهم ، وسبى ذراريهم ، واستباح أموالهم ، وخرب ديارهم ، وأقبل بالأسارى والأموال معه ، ونزل جبرئيل عليهالسلام ، فأخبر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بما فتح الله على علي عليهالسلام وجماعة المسلمين ، فصعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ،
__________________
(١) الطلبة : أي المطلوب.
(٢) وهي الحرب التي قوتل فيها مرة بعد أخرى كأنهم جعلوا الأولى بكرا ، والحرب العوان هي أشد الحروب. «أقرب الموارد : ج ٢ ، ص ٨٥٠».
(٣) أقضم القوم : امتاروا شيئا قليلا في القحط ، وأقضم الدابة : علفها القضيم ، وهو نبت من الحمض.
(٤) حس الدابة : نفض التراب عنها بالمحسّة.