تأخذه السنات ، لا تحدّه الصفات ، ولا تقيده الأدوات ، سبق الأوقات كونه ، والعدم وجوده ، والابتداء أزله.
بخلقه الأشياء علم أن لا شبه له ، وبمضادته بين الأشياء علم أن لا ضد له ، وبمقارنته بين الأمور عرف أن لا قرين له ، ضاد النور بالظلمة ، والشر بالخير ، مؤلف بين متعاقباتها ، مفرق ين متدانياتها ، بتفريقها دل على مفرقها ، وبتأليفها على مؤلفها ، قال الله تعالى : (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).
له معنى الربوبية إذ لا مربوب ، وحقيقته الإلهية إذ لا مألوه ، ومعنى العالم ولا معلوم ، ليس منذ خلق استحق معنى الخالق ، ولا من حيث أحدث استفاد معنى المحدث ، لا تغييه منذ ، ولا تدنيه قد ، ولا يحجبه لعل ، ولا يوقته متى ، ولا يشتمله حين ، ولا يقارنه مع ، كل ما في الخلق من أثر غير موجود في خالقه ، وكل ما أمكن فيه ممتنع من صانعه ، لا تجري عليه الحركة والسكون ، كيف يجري عليه ما هو أجراه؟ أو يعود فيه ما هو ابتدأه؟ إذن لتفاوتت دلالته ، ولامتنع من الأزل معناه ، ولما كان للبارىء معنى غير المبرأ ، لو حد له وراء لحد له أمام ، ولو التمس له التمام للزمه النقصان ، كيف يستحق الأزل من لا يمتنع عن الحدث؟ وكيف ينشىء الأشياء من لا يمتنع من الأشياء؟ لو تعلّقت به المعاني لقامت فيه آية المصنوع ، ولتحول عن كونه دالا إلى كونه مدلولا عليه ، ليس في مجال القول حجة ، ولا في المسألة عنه جواب ، لا إله إلا الله العلي العظيم» (١).
__________________
(١) الأمالي : ج ١ ، ص ٢٢.