أقوى من اتّحاد النوع مع الجنس ، وقد صرّحوا بكون حمل عوارض النوع على الجنس حملا غريبا مجازيا ، فمقامنا أولى ؛ لأنّ المتّحد أمر انتزاعي وفي النوع أمر حقيقي ، فافهم جدا.
وأمّا ثالثا : فإنّ التغاير بين موضوعات المسائل أمر وجدانيّ بديهيّ ، فكون منشأ الانتزاع أمرا كليّا ما به الامتياز فيه عين ما به الاشتراك لا يجدي في اتّحاد الموضوعات المتباينة.
وأمّا رابعا : فلأنّ التقييد بالأمر الانتزاعي لا يجعل المقيّد أمرا انتزاعيا ؛ فإنّ تقييد الدار بكونها ملك زيد لا يجعل الدار امرا اعتباريا ، وكذا المقيّد بالانتزاعي كالمقيّد بالفوقيّة والتحتيّة مثلا لا يلزم أن يكون أمرا انتزاعيا ، بل هو باق على جوهريّته أو عرضيّته ، فتأمل جدا.
والتحقيق في الجواب أن يقال : إنّ موضوع العلم على تقدير وجوده هو ما يبحث فيه عن الغرض المترتّب على ذلك العلم ، سواء كان الغرض مترتّب على العوارض الذاتية أو الغريبة ؛ إذ لم يرد عندنا دليل يقتضي أن يكون البحث عن العوارض الذاتية في العلم لنلتزم بذلك ، بل إنّ البحث في العلم عن كلّ ما يترتّب الغرض المتوخّى عن ذلك العلم عليه كان ذاتيّا أو غريبا.
ولو سلّمنا أنّ البحث يلزم أن يكون عن العوارض الذاتية للموضوع فلا دليل يقتضي كون العارض بواسطة الأخصّ أو الأعمّ غريبا ، حيث يكون وجود الأخصّ عين وجود الأعمّ وبالعكس. نعم ، إذا كان إسناد العارض إلى المعروض بنحو المجازيّة نلتزم بكون ذلك العارض غريبا بالنسبة إلى ما كان الإسناد إليه مجازيّا ، وأمّا حيث يتّحد الأخصّ مع الأعمّ لا ريب حينئذ في كون عارض النوع يصحّ إسناده إلى الجنس حقيقيّا ، مثلا الضحك الذي هو عارض الإنسان لا ريب في صحّة نسبته حقيقة إلى الحيوان بنحو القضيّة المهملة فنقول : الحيوان ضاحك ، فإنّ الضحك حقيقة عارض على الحيوان ؛ لأنّ الإنسان هو بنفسه حيوان أيضا ،