ولا يخفى أنّه لا يمكن المساعدة على ما ذكره قدسسره ؛ لأنّ كلّا من الوجوب النفسي والتقيّد وإن كان لو خلّي ونفسه مجرى للبراءة مستقلّا إلّا أنّ المقام من مقامات الاشتغال العقلي ؛ للعلم الإجمالي بالوجوب النفسي أو تقييد الصلاة به ، فبمقتضى هذا العلم الإجمالي وتنجّزه ـ بتعارض الاصول وتساقطها ـ أن لا يحكم بصحّة الصلاة حيث تفقد الطهارة المحتمل تقيّدها بها ؛ للعلم الإجمالي بالتقيّد أو الوجوب النفسي فيرتّب أثرهما معا ، فيجب الإتيان بالطهارة قبل الصلاة ليحرز كلا محتملي العلم الإجمالي به حينئذ.
واخرى : يكون أحدهما مشروطا بما بعد الوقت كالصلاة في المثال ، والثاني مشروطا قبل الوقت كالطهارة على تقدير كونها واجبة نفسيّا ، وعلى تقدير الغيريّة فهي مقيّدة بما بعد الوقت لكنّها متردّدة بين كون وجوبها نفسيّا أو غيريّا ، وفي مثله لا ريب في كون مقتضى القاعدة الاشتغال ؛ للعلم الإجمالي بوجوب الطهارة لنفسها أو تقيّد الصلاة بها كالسابق ، فيتنجّز العلم الإجمالي ؛ لتعارض الاصول وتساقطها بناء على ما اخترناه من تنجّز العلم الإجمالي في التدريجيّات. وحينئذ يكون احتمال التكليف في كلّ منهما منجّزا فيجب الإتيان بالطهارة قبل الوقت وبعده وحفظها إلى ما بعد الوقت للصلاة ، ولا وجه لما ذكره الميرزا النائيني من إجراء البراءة من التقييد.
نعم ، لو كان وجوب الصلاة مقيّدا بما بعد الوقت وكذا الطهارة على تقدير كون وجوبها غيريّا ، أمّا على تقدير النفسيّة فهو مطلق فلا يجب الوضوء قبل الوقت ، لكنّه بعد الوقت واجب ؛ للعلم الإجمالي بوجوبه حينئذ المردّد بين النفسيّة والغيريّة المنجّزة فيجب.
نعم ، لو كان توضّأ قبل دخول الوقت لا يجب التكرار بعده ؛ لعدم العلم الإجمالي بوجوبه حينئذ ؛ لاحتمال كون وجوبه نفسيّا مطلقا وقد أتى به ، وعلى تقدير الغيريّة فالوجوب الغيري بعده ، أمّا الجواز فلا ، وحينئذ فيكون من المقدّمات الحاصلة فلا يجب تحصيلها.