بفعله قهرا على الفاعل ، وهذا بخلاف غير المقدور عقلا فإنّه لا يتصوّر وقوعه في الخارج أصلا.
وأمّا غير المقدور شرعا فهو على قسمين ؛ لأنّه قد يكون فردا واحدا وغير مقدور ، وقد يكون أفرادا بعضها مقدور وبعضها غير مقدور ، ففي الثاني لا ريب في صحّة الإتيان بالفرد الغير المقدور شرعا ، كما إذا أمر بصلاة الظهر في وقت موسّع وبصلاة الكسوف في وقت مضيّق ، فبما أنّ صلاة الكسوف مضيّقة فالأمر بها ، ففي هذا الحال لا أمر بصلاة الظهر ، إلّا أنّه لو عصى فلم يصلّ الكسوف وصلّى الظهر مثلا فلا مانع من صحّته بالأمر واستكشاف الملاك به بما مرّ من المحقّق الثاني قدسسره من أنّ الأمر بالطبيعة انطباقه عليه قهريّ فإجزاؤه عقليّ كما تقدّم. وحينئذ فهذا الفرد ممّا احرز ملاكه بنفس الأمر كما تقدّم.
وأمّا إذا كان فردا واحدا غير مقدور كما إذا كان الواجبان مضيّقين معا ، كما إذا كان وقت الظهر أيضا ضيّقا ، فبما أنّ ذات الوقت أهمّ فيكون الأمر بها ، فتخلو صلاة الكسوف عن الأمر ، فلو عصى وترك صلاة الظهر وصلّى الكسوف فلا يمكن إحراز صحّتها ؛ لعدم إحراز الملاك ؛ لعدم الأمر الذي به يحرز الملاك ، فينحصر وجه صحّتها بما سيجيء إن شاء الله تعالى من القول بالترتّب وإنّ الأمر به في ظرف ترك الآخر موجود ، فيقع الكلام في إمكان الترتّب وعدم إمكانه.
وقبل الخوض في ذلك نتكلّم في التزاحم بين الواجبين وفي التعارض وبيان موضوعهما وحكمهما ؛ لأنّ بعض الأصحاب على ما ذكره الميرزا النائيني قدسسره (١) توهّم أنّ تقديم أحد الأمرين لأهميّته يقتضي سقوط الأمر الثاني كما في تعارض الدليلين ، ولا بدّ من بيان أنّ ذلك حكم المتعارضين وأنّ المتزاحمين ليس تقديم أحدهما مقتضيا لكون الآخر كالعدم فنقول :
__________________
(١) انظر أجود التقريرات ٢ : ٣٢.