المختار بركوع وسجود حقيقيّين ، بل في الجواهر (١) ما مضمونه : أنّه لو كلّف الاقتضاء على خصوص المضطرّ إليه فقد حبسه الله حبسا أشدّ من حبس ذلك الظالم ، بل لا يوجد مثل ذلك الحبس الإلهي إلّا أن يكون مثله يوم القيامة ، ثمّ عوذ الفقه من هذه الخرافات إلى آخر كلامه زيد في علوّ مقامه.
إذا عرفت ما ذكرنا فلنعد إلى ما كنّا فيه من المطلب الثامن الذي عقدناه لثمرة هذه المسألة فنقول : إنّا إذا بنينا على الامتناع وأنّ التركيب اتّحادي فالمقام من مقامات التعارض ، فإن قدّمنا جانب الأمر فالعمل صحيح وليس فيه معصية أصلا. وإن قدّمنا جانب النهي فلو صلّى في الدار المغصوبة عالما عامدا فلا ريب في فساد صلاته ؛ لأنّ تقديم جانب النهي معناه إبقاء «لا تغصب» و «لا تتصرّف في مال الغير» على إطلاقها ، وتقييد أمر صلّ بما ليس متّحدا مع الغصب والتصرّف ، فيكون هذا الفرد المتّحد غير مأمور به أصلا. وإن صلّى مكرها أو مضطرّا أو ناسيا ، فلا ريب في صحّة صلاته أيضا ؛ لأنّ النهي عن التصرّف في ملك الغير ساقط واقعا فلا تحريم ، فيبقى إطلاق الأمر سليما عن المعارض. وإن صلّى جاهلا بالغصبيّة فبما أنّ الجهل لا يرفع الحرمة الواقعيّة وإنّما يرفع العقاب فقط ، فالنهي حينئذ موجود ، وبتقديمه كما هو الفرض يخرج الفرد عن إطلاق الأمر ، فلا بدّ من كون الصلاة حينئذ فاسدة ، فحكم الأصحاب بصحّتها مع بنائهم على الامتناع لم يعلم وجهه كما مرّ.
وإن قلنا بجواز اجتماع الأمر والنهي وإنّ التركيب انضمامي ، فإن لم يكن للمكلّف مندوحة بل هو لا يتمكّن إلّا من صلاة في دار مغصوبة فلا ريب في كون المورد من موارد التزاحم ؛ إذ إنّ هذا العمل وإن كان عملين في الحقيقة انضمّا إلّا أنّهما لا بدّ من أن يصدرا معا حيث يصدران ، فكيف يصدر الأمر بالصلاة مع أنّها حيث تصدر لا بدّ أنّ تجامع غصبا ، فإن كانت مصلحة الصلاة أهمّ من مفسدة الغصب فلا ريب في
__________________
(١) انظر الجواهر ٨ : ٣٠٠.