وممّا ذكرنا يظهر الجواب عن الوجهين الباقين اللذين ذكرهما الميرزا وأحدهما يرجع إلى الثاني وملخّصهما : أنّ القاعدة إنّما تجري حيث يفعل المكلّف أمرا لا يمكن معه التكليف بذلك الشيء كأن يترك السير مع الرفقة فيمتنع عليه حينئذ فعل الحجّ ، وهذا عكس المورد الذي نحن فيه ، فإنّ الدخول الذي صدر من المكلّف هو الذي مكّنه من الخروج ، فإنّه لو لا دخوله لم يتمكّن من الخروج فهي عكس موردنا تماما.
ووجه ظهور الجواب ممّا مرّ : أنّ المكلّف به الذي لا يمكن التكليف به حسب ادّعاء الآخوند هو ترك الخروج لا الخروج وهذا الدخول هو الذي أوجب استحالة التكليف به ، فهو من موارد القاعدة لا عكسها وحيث أن لا مقتضي لإيجاب الخروج كما مرّ لم يحكم بحكم فعلا وإن كان مبغوضا ومعاقبا عليه ، لقاعدة الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقابا وإن نافاه خطابا.
فتلخّص : أنّ ما ذهب إليه الآخوند قدسسره في هذه المسألة ـ من كون الخروج غير محكوم بحكم أصلا وإن عوقب عليه للنهي السابق الساقط بحدوث الاضطرار (١) ـ هو الصحيح في هذه المسألة.
هذا كلّه حيث لا يكون الخروج من الأرض المغصوبة مقدّمة لواجب كما ذكرنا ذلك ، أمّا لو كان مقدّمة لواجب فهل يكون حينئذ كما لو لم يكن مقدّمة غير محكوم بحكم فعلي أصلا وإن كان مبغوضا منهيّا عنه بالنهي الساقط بحدوث الاضطرار كما ذهب إليه صاحب الكفاية أم يكون واجبا؟ الظاهر ابتناء الكلام على الكلام في وجوب مقدّمة الواجب وعدمه ، فإن بنينا على وجوب مقدّمة الواجب كان الخروج واجبا ، وإلّا فلا ؛ وحيث بنينا على العدم فالخروج كما لو لم يكن مقدّمة في كونه غير محكوم بحكم أصلا وإن كان مبغوضا بالنهي الساقط بحدوث الاضطرار.
وتوضيح ذلك موقوف على بيان أمرين :
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢٠٤ ـ ٢٠٥.