الثاني إنّما هي على ما نقله الفاضل في المنتهى وفاقا لبعض نسخ التهذيب ، حيث قال : « فإذا بلغت عشرين ومائة ففيها شاتان ».
وأمّا على الوجه الذي أوردنا الخبر نقلا عن الكافي ـ وعليه أورده الشيخ في الاستبصار ، والفاضل في التذكرة ، وصاحب المنتقى ، ويوافقه بعض نسخ التهذيب ـ فلا يلزم محذور أصلا.
مضافا إلى أنّه يرد مثل ذلك على الرواية الثانية ؛ لتصريح آخرها باختيار المصدّق في أخذ الهرمة وذات العوار ، فهو مخالف لما عليه الأصحاب ، مع أنّ ردّ جزء من الخبر لا يؤثّر في الجزء الآخر.
مع أنّ مثل هذين الوجهين ليس من المرجّحات الشرعيّة عند أهل التحقيق من الفقهاء.
وأمّا الثالث : فلأنّ الأصل ليس مرجّحا حقيقة ، بل هو المرجع لو لا الترجيح ، فاللازم أولا ملاحظة وجوه التراجيح.
ومنهم من رجّح الاولى بأكثريّة الرواة وفضلهم ولو في بعض المراتب ، وروايتها عن إمامين ، فإنّ احتمال السهو من الراوي حينئذ أبعد.
والتحقيق : أنّ مثل ذلك أيضا لا يصلح للترجيح ، بل الصواب في الجواب أن يقال : إنّ بين الروايتين عموما وخصوصا مطلقا ؛ لأنّ قوله في الثانية : « فإذا كثرت الغنم » ومفهوم الغاية ـ وهو ما تجاوز عن ثلاثمائة ـ أعمّ من أن يبلغ الأربعمائة أو لا ، والأولى مخصوصة مفصّلة فيجب التخصيص بها ، غاية الأمر أنّ حكم ما زاد على الثلاثمائة إلى الأربعمائة لا يكون مستفادا من الثانية ، تركه لمصلحة ، ومثله ليس في الأخبار بعزيز ، سيّما مع ظهور المصلحة وهي التقيّة ، فإنّ عمومها موافق للعامّة ، كما صرّح به جماعة ، منهم : المعتبر والمختلف والمنتهى والتذكرة والذخيرة (١) وجدّي
__________________
(١) المعتبر ٢ : ٥٠٣ ، المختلف : ١٧٧ ، المنتهى ١ : ٤٨٩ ، التذكرة ١ : ٢١٠ ،