وهذا الاحتمال قائم ، بل راجح ، لأنّ ارتكاب التجوّز في خبر أولى من ارتكابه في السنّة المتواترة والكتاب.
ولو سلّم التساوي فالأمر دائر بين مجازين متساويين ، فيرجع إلى حكم الأصل ، وهو عدم استقرار الوجوب.
قيل : يرد عليه أنّ مقتضى حقيقة أدلّة سائر الشروط عدم تحقّق وجوب أصلا قبل تمام الاثنى عشر وعدم وجوب شيء قبله ، فالقول بتحقّق وجوب قبله صرف لها عن حقائقها أيضا ، فهذا القول يوجب ارتكاب التجوّز فيها وفي الخبر ، بخلاف حمل الخبر على المستقرّ.
مع أنّه لو سلّمنا تعارض المجازين ، وفقدان المرجّح من البين ، فالجمع ـ بحمل أحدهما على الوجوب المتزلزل ، والآخر على المستقرّ ـ جمع بلا دليل ، إذ لا شاهد عليه ولا سبيل.
والقياس على دلوك الشمس وانقطاع دم ذات العادة باطل ، لوجود الشواهد فيهما.
فيجب إمّا نفي مطلق الوجوب بدخول الثاني عشر ، أو القول بالوجوب المستقرّ به ، والأول باطل إجماعا ، فبقي الثاني.
أقول : يمكن أن يقال : إنّ تحقّق مطلق الوجوب ـ الذي أقلّه المتزلزل بدخول الثاني عشر ـ إجماعي ، فالتعارض إنّما هو في الوجوب المستقرّ ، وإذ لا مرجّح لأحد المجازين يجب الرجوع إلى أصالة عدم الاستقرار.
والترجيح الذي ذكر ـ من إيجاب القول بالمستقرّ ارتكاب التجوز في أحدهما ، وبالمتزلزل أيضا ـ لا يصلح للترجيح ، لأنّ المجاز خلاف الأصل ، واحدا كان أو متعدّدا ، فلا يصار إلى شيء منهما ما لم يتضمّن الأكثر للأقلّ إلاّ بدليل.
إلاّ أنّه يمكن أن يقال : إنّ الوجوب في كلّ من الخبر وأدلّة سائر