كلّ منهما لطائفة من العامّة.
وقد تحمل الثانية على قصد الفرار بعد الحول ، ويستشهد له بموثّقة زرارة : إنّ أباك قال : « من فرّ بها من الزكاة فعليه أن يؤدّيها » ، قال : « صدق أبي ، إنّ عليه أن يؤدّي ما وجب عليه ، وما لم يجب عليه فلا شيء عليه منه » (١) ، ونحوها حسنته (٢).
وردّه في الحدائق بأنّه لا يجري في الموثّقة الثانية ؛ لأنّه متى خصّ بتمام الحول وجعل المقسم بعده اقتضى سقوط الزكاة عمّن فعله ليتجمّل به ، وهو خلاف الإجماع ، وحمل الفرار على ما بعد الحول وقصد التجمّل عليها قبله يجعل الكلام متهافتا (٣).
أقول : يمكن أن يقال : إنّ المراد حمل الفرار من الزكاة على ما إذا فعله بعد الحول ، فيكون المقسم عامّا ويقسّمه الإمام على قسمين : قسم يفعله بعد الحول ، وهو الذي عبّر عنه بقوله : « فإن كان فرّ به من الزكاة ».
وقسم يفعله قبله وهو المذكور بقوله : « ليتجمّل به ».
وإنّما عبّر بما بعد الحول بالفرار لأنّ الفرار عن الشيء [ بعد ] (٤) وجوده ، فالاستشهاد إنّما هو في التجوّز دون التخصيص المستلزم للتهافت.
وإلى هذا ينظر كلام الشيخ ؛ حيث ذكر بعد ذلك الحمل : أنّ معه لا يستقيم الاستثناء في الموثّقة الاولى ، وأجاب بأنّ « لا » في جواب السؤال عن وجوب الزكاة في الحلي اقتضى أنّ كلما يقع عليه اسم الحلي لا يجب
__________________
(١) الكافي ٣ : ٥٢٥ ـ ٤ ، الاستبصار ٢ : ٨ ـ ٢٤ ، التهذيب ٤ : ١٠ ـ ٢٧ ، الوسائل ٩ : ١٦١ أبواب زكاة الذهب والفضة ب ١١ ح ٥.
(٢) المتقدّمة في ص ٦٨.
(٣) الحدائق ١٢ : ١٠٠.
(٤) أضفناه لاستقامة المعنى.