وفيه : أن المطلق ينصرف إلى الشائع المتعارف ، وهو الترتيبي ، كما عرفت ، مع أن المطلق يحمل على المقيد ، وقد عرفت أنّ الارتماسي شرطه الوحدة المذكورة ، وأنّ هذا الشرط موضع الترتيب في الترتيبي ، وأنّه مسقط للترتيب الذي هو شرط للصحة إجماعا ، ولذا لو غسل من اليمين شيئا قبل غسل الرأس يكون باطلا عندهم قطعا ، بل الظاهر البطلان واقعا ، كما عرفت ، وهذا كيف يجتمع مع ما ذكره من الإجزاء في الأجزاء من دون تحقق الوحدة التي هي شرط نصا ووفاقا ، بل هما متنافيان بالبديهة فكيف يجتمعان؟! ولا يمكن منع اشتراط الوحدة المذكورة أيضا.
مع أنّه لم يرض بكونه ترتيبا حكما فكيف رضي بما ذكر؟! لأن إجزاء بعض الأجزاء قبل بعض ترتيبي حقيقي ، فإن أكثر الأجزاء تطهّر ، وغسل ، وأجزأه غسله مع عدم غسل اللمعة وعدم الإجزاء فيها ، بل يصير ترتيبيا بترتيبات لا يمكن عدها من الكثرة ، بل بعكس ترتيب الترتيبي ، لأن العادة في الارتماس بتأخير الرأس عن الجسد ، والإطلاق ينصرف إلى ما هو المعتاد والمتعارف ، فيصير هذا المعتاد والمتعارف شرطا ، لأنهم عليهمالسلام جعلوه شرطا بقولهم : « إذا ارتمس » ، إذ كلمة « إذا » ليست من أدوات العموم فيكون المطلق باقيا على إطلاقه ، فتأمّل جدا.
على أن ظاهر قوله عليهالسلام : « فما جرى عليه الماء » فاسد ، لأن الضمير في أجزأه يرجع إلى الجنب ، فيصير المعنى أنه أيّ قدر من جسده جرى عليه الماء أجزأه في غسله ولا يحتاج إلى أمر آخر ، وفيه ما فيه. وتأويله بما أراده ليس بأولى من تأويله بأن المراد : إذا جرى في جسده الماء سواء كان قليل الماء أو كثيرة أجزأه عن الدلك ، كما يظهر من غيره من الأخبار.