الحقّ : عدم ثبوت ذلك ، فكلّ موضع وجد فيه قرينة الإنشاء ـ أعني القصد إلى حدوث الحكم ـ يحمل عليه ، وإن لم توجد يحمل على الخبر.
ويتفرّع عليه : لزوم القصد التفصيلي أو الإجمالي في صيغ العقود ، فلا عبرة بصيغة الغافل والساهي ، ومن لم يتصوّر معنى الإنشاء فأجرى الصيغة غير قاصد إلى معنى الإنشاء والخبر ، أو قاصدا للخبر ، ولكن يكفي مجرّد العلم بأنّ المراد منها حدوث الحكم.
والقول بأنّ هذه الصيغ مفيدة لحدوث الحكم من الشرع وإن لم يتحقّق قصد ، مشكل ؛ لأنّ هذا موقوف على كونها حقائق شرعيّة في الإنشاء ولم يثبت.
ثمّ لا بدّ لنا هنا من الإشارة إلى امور :
الأوّل : إن قيل : المراد بالإنشاء إن كان إحداث الحكم عند التلفّظ بالصيغة ، يلزم في التعليقات تعليق الواقع على ما لم يقع ؛ فإنّ الجملة الجزائيّة في قول الرجل لزوجته : « إن دخلت الدار فأنت طالق ، أو كظهر أمّي » إنشاء ، فعند التكلّم يجب حدوث الطلاق أو الظهار ، مع تعليقهما على دخول الدار الذي لم يقع بعد ، وهو محال.
قلنا : حدوث الحكم عند التلفّظ بالصيغة إنّما هو عند عدم التعليق ، وأمّا عنده ، فحدوثه عند تحقّق ما علّق عليه ، وانعدام الصيغة عند تحقّقه ـ بناء على كونها غير قارّة الذات ـ لا يمنع تحقّق الحكم ؛ لأنّها ليست سببا حقيقيّا له ، بل من الأسباب المعرّفة ، فيجوز حدوث مسبّبها بعد انعدامها.
الثاني : إن قيل : إنّ صيغ العقود إن اوقعت بعنوان الاستقبال ، كأن يقول : « أبيعك » أو « انكحك » ، فلا تخلو من أن تكون خبرا ـ على ما يشعر به بعض تعريفاته ـ أو إنشاء ـ على ما يشعر به بعض آخر منها ـ وعلى التقديرين يلزم أن يقع العقد بها.
أمّا على التقدير الأوّل ، فلأنّه كما يصحّ أن يراد الإنشاء من الجملة الخبريّة إذا كانت ماضية ، فكذا يصحّ إذا كانت مستقبلة ؛ لعدم الفرق.
وأمّا على [ التقدير ] الثاني ، فظاهر.