ويظهر الفائدة (١) في صيرورتهما دليلين عند المعارضة لدليل واحد ، فيرجّح بهما.
وهذا الإيراد والتوجيه والفائدة آتية (٢) فيما إذا قيل بحجّيّة المرسل إذا وجد مسندا من وجه آخر.
وعلى ثاني جزءيه : أنّ حصول العلم المذكور إن كان من الاستقراء لمراسيله ، والاطّلاع من خارج على أنّ المحذوف فيها ثقة ، فهو في معنى الإسناد. وإن كان من إخبار الراوي بأنّه لا يرسل إلاّ عن الثقة ، فمرجعه إلى الشهادة بعدالة المجهول. وسيجيء (٣) ما فيه (٤). وإن كان من وجدانها مسانيد من وجوه أخر ، فقد عرفت (٥) ما فيه.
هذا ، مع أنّ القطع بتحقّق أحد الامور الثلاثة في جميع مراسيل راو واحد مشكل ، فالحكم بحجّيّة مراسيل ابن أبي عمير ، وأحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي ، وصفوان بن يحيى من أصحابنا ؛ نظرا إلى الأمر الأوّل غير ثابت ؛ لأنّا لم نتفحّص عن جميع الوسائط المحذوفة عن مراسيلهم حتّى نعلم أنّها ثقات ، بل لسنا متمكّنين من هذا الفحص ، وكذا حال المتقدّمين علينا.
وحجّة من قال بحجّيّة مراسيلهم قول الشيخ في العدّة :
|
وإذا كان أحد الراويين مسندا والآخر مرسلا ، نظر في حال المرسل ، فإن كان ممّن يعلم أنّه لا يرسل إلاّ عن ثقة موثوق به ، فلا ترجيح لخبر غيره على خبره ، ولأجل ذلك سوّت الطائفة بين ما يرويه محمّد بن أبي عمير ، وصفوان بن يحيى ، وأحمد بن محمّد بن أبي نصر ، وغيرهم من الثقات الذين عرفوا بأنّهم لا يروون ولا يرسلون إلاّ عمّن يوثق به وبين ما أسنده غيرهم ، ولذلك عملوا بمراسيلهم (٦). |
__________________
(١) أي بين مقتضى الإيراد ومقتضى التوجيه ؛ فإنّ مقتضى الإيراد هو عدم حجّيّة المرسل وانحصار الحجّيّة في المعاضد. وأمّا مقتضى التوجيه : فهو حجّيّة المرسل أيضا كالمعاضد ، فعند وجود المعارض الواحد يقع التعارض بين حجّة وحجّتين بناء على التوجيه ، وبين حجّة واحدة وحجّة واحدة بناء على الإيراد. واعلم أنّ هذا يفيد فيما إذا قلنا بمرجّحيّة الأكثر عددا ، وإلاّ فلا تظهر الفائدة.
(٢) في النسختين « آت » والصحيح ما أثبتناه.
(٣) في ص ٢٨٤.
(٤) كذا في النسختين. والأولى : « فيها ».
(٥) في ص ٢٦٦ من أنّ المسند ممّا يشترك فيه الأنواع الأربعة فليس مجرّد كون الخبر مسندا مساويا للحجّيّة.
(٦) العدّة في أصول الفقه ١ : ١٥٤.