مخالفة غير النادر واختلفوا فيه كما يأتي (١) ، ونحن نقول : حجّيّته لاشتماله على قول الحجّة ، فلو لم يعلم دخوله فيه ، لم يكن حجّة وإن حصل الوفاق من جميع من سواه ، ولو علم دخوله فيه كان حجّة وإن خالف جماعة. وهذا هو فائدة الخلاف بين الفريقين. وصدق الحجّيّة حينئذ في الإجماع ـ مع أنّ المناط قول الحجّة ـ يعلم بعد ذلك. ومن تأمّل في الآيات (٢) والأخبار (٣) المذكورة ، يجد أنّ دلالتها على حجّيّة الإجماع باعتبار اشتماله على قول بعض خاصّ.
وقد عرفت ذلك في أكثر الآيات المذكورة ، وهو الظاهر من قوله عليهالسلام : « لا تزال طائفة » (٤) إلى آخره. وأمثاله ، ويدلّ عليه قوله عليهالسلام : « لا تجتمع امّتي » (٥) إلى آخره ، نظرا إلى أنّ اللام في « الخطأ » للجنسيّة كما اعترف به أكثر العامّة ، فالمفهوم منه أنّ الامّة لا يجتمعون على جنس الخطأ ، ولا ريب في أنّه إذا أخطأ كلّ منهم في مسألة غير ما أخطأ فيه الآخر ، صدق اجتماعهم على جنس الخطأ. وهذا جائز وفاقا لو قطع النظر عن المعصوم ، فلا بدّ من القول بعدم جواز خلوّ العصر عن معصوم مصيب في كلّ أحكامه ؛ لئلاّ يمكن اجتماع الامّة على جنس الخطأ.
ومنها : أنّه يمتنع اجتماع الخلق العظيم على حكم بدون قاطع (٦).
واعترض عليه بأنّه يمكن أن يكون ذلك لشبهة ، كما اتّفق لليهود والنصارى والفلاسفة في قدم العالم ، وغيرهم من الفرق المجتمعين على كثير من الأباطيل مع انتشارهم في شرق الأرض وغربها (٧).
ومنها : أنّهم أجمعوا على القطع بتخطئة المخالف للإجماع ، ولا ريب في أنّهم ـ مع كثرتهم العظيمة وتحقيقهم ـ لا يجتمعون على شيء بدون قاطع ، ومعه يكون خطأ المخالف
__________________
(١) في ص ٣٥١.
(٢) في ص ٣٤٠ ـ ٣٤١.
(٣) في ص ٣٤٢.
(٤) في ص ٣٤٣.
(٥) في ص ٣٤٢.
(٦) قاله ابن الحاجب في منتهى الوصول : ٥٣.
(٧) راجع المعتمد ٢ : ٢١.