وذكر بعضهم من طرق الثبوت ضرب الخراج من الحاكم وإن كان جائرا ، حملا لتصرّف المسلم على الصحّة ، وردّ بأنّ هذا يتمّ إذا كان الحكم بكونه خراجيا مصحّحا لتصرّفه وأخذه ، وليس كذلك.
وقال والدي العلّامة (١) : الحمل على الصحّة ـ لو سلّم ـ فإنّما هو في أفعال الشيعة خاصّة ، ومع تسليم المطلق لا يثبت إلّا كون الأراضي خراجية عند من يأخذ الخراج أو مع من تقبّله عنه ، وهذا غير كاف للثبوت عند مجتهد آخر أو معتقد طائفة غير معتدّ به لغيرهم.
نعم ، لو كانت الأرض في يد السلطان يتقبّلها أو يوجرها لمن يشاء ، فهذا من باب اعتراف ذي اليد بكونها خراجية ، وهو كاف في الثبوت ، ولا حاجة الى تحمل الحمل على الصحّة ، وكذا إذا كانت في يد الرعية ويعطون الخراج معترفين بكونها حقّا ، وأمّا إذا أعطوا كرها من غير اعتراف منهم بالحقّيّة ، فالحمل على الصحّة في عمل السلطان يعارض حمل كراهة الرعية عليها.
أقول : وهاهنا أمر آخر غير حمل الفعل على الصحّة وإقرار ذي اليد ، وهو استمرار العمل في ظاهر الحال ولو من السلطان المخالف في الأرض ، على وجه كونها خراجية من تقبيلها لمن يشاء على هذا الوجه ، وأخذ طسقها وإقدام الرعية على تقبّلها منه ، وبالجملة : جريان الأمر واستمراره على آثار الخراجية ، فإنّه دليل للخراجية. وإن لم يظهر من ذي اليد إقرار أصلا ، بل هو نفس الخراجية الظاهرة كما في غيرها من الأوصاف الشرعية كالملكية والزوجية والوقفية.
فإنّها قسمان : واقعية ؛ وهي الثابتة في نفس الأمر مسبّبة عن أسبابها الواقعية ، وظاهرية ؛ وهي الحالة الظاهرة بحسب الآثار والأعمال ، والجري عليها مع عدم
__________________
(١) مستند الشيعة ٢ : ٣٥٩.