فيما لم يكن من نوع واحد ، بكون ارتكابه للذنب أغلب من اجتنابه عنه من غير توبة ، لم يكن بعيدا.
وأمّا الثالث : فلأنّ صدق الإصرار عليه عرفا غير معلوم ، كما يظهر التأمّل فيه من الذخيرة والرياض والمستند ، ولو قلنا بقدحه في العدالة ، فليس من جهة صدق الإصرار. ومنه يظهر ما في الرابع.
وأمّا الخامس : فلما في الحجة الأولى من مخالفة الرواية للشهرة العظيمة وندرة القول به ، بل قيل بعدم معلومية القائل به ، فيسقط به عن الحجيّة ، ومع ذلك مخالف للعرف والعادة ، بل في الحديث المشهور (١) : « لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار » إيماء بأنّ الإصرار لا يحصل بعدم الاستغفار ، وبقرينة المقابلة ، فلعلّ الخبر في تفسير الآية والإشارة باللّام إلى خصوص الإصرار المذكور فيها.
وفي الثانية ، فإن ترك التوبة بنفسه معصية أخرى ، لا دخل له بفعل الصغيرة ، وصيرورتها كبيرة. مع أنّ الظاهر المتبادر من الإصرار على الذنوب أو الصغائر المذكور في الرواية تكرّر فعلها وتجدّده ، فلا يصدق على الاستمرار على ترك التوبة عن ذنب ، لعدم صدق تعدّد الترك على الترك المستمرّ ، كما لا تعدّ ترك إزالة النجاسة عن المسجد في كلّ آن ذنبا على حدّة ، فكان استمراره في نصف يوم مثلا كبيرة باعتبار كونه إصرارا.
وبالجملة : الظاهر اعتبار تعدّد متعلّق ترك التوبة من الذنوب المتعدّدة في صدق التعدّد والتكرّر على الترك ، لا مجرّد الاستمرار على ترك واحد ، وهذا هو المستفاد من كلمات القوم.
نعم ، لا يبعد القول به في الأفعال الوجودية ، كلبس الرجل الحرير المحض طول
__________________
(١) بحار الأنوار ٨٨ : ٣٠.