وقوّاه والدي العلّامة (١) وبعض من عاصره ، بل قيل : يمكن استفادته من نهاية الشيخ (٢) والحلّي (٣) والقاضي (٤).
ثمّ المراد بالمروّة على ما هو المتحصّل من عباراتهم المختلفة المتقاربة في تفسيرها ، كونه مجتنبا عمّا لا يليق بأمثاله ، مما يؤذن بخسة النفس والدناءة ، من المباحات والصغار من المحرّمات التي لا يبلغ حدّ الإصرار المسقطة للعزّة من القلوب ، ومنه ما يستهزء ويستسخر به لأجله.
استدلّ الأوّلون بالأصل والشهرة وتوقف المقصود من اشتراط العدالة عليها ، إذ عدمها إمّا لخبل أو ضعف عقل أو لقلّة حياء ، وعدم الوثوق مع الأوّل ظاهر. ومع الثاني ، فلأنّ من لا حياء له يصنع ما يشاء ، كما في الخبر المرويّ (٥) عن الكاظم عليهالسلام : « لا دين لمن لا مروّة له ، ولا مروّة لمن لا عقل له ».
ويضعف الأوّل بإطلاق ما مرّ من إطلاق الأخبار المفسّرة للعدالة بما ليس فيه إشعار بمدخلية المروة فيها ، لا شطرا ولا شرطا.
والثاني بعدم الحجّية ، سيما مع خلو الأخبار عنه ، مع وجود الداعي ، وقبح تأخير البيان الموجب لقوة الظن بعدم الاشتراط المنافي للظنّ الحاصل من الشهرة الذي هو مناط الحجّية عند القائل بها.
والثالث بمنع كلّية المقدّمة الأولى ، ومنع الثانية ، إذ المفروض وجود ما يقتضي
__________________
(١) مستند الشيعة ٢ : ٦٢٩.
(٢) النهاية : ٣٢٥.
(٣) مختلف الشيعة ٧ : ٧١.
(٤) المهذب البارع ٢ : ٥٥٦.
(٥) بحار الأنوار ١ : ١٤١ ؛ و ٧٨ : ٣٠٣.