التكليف من العقل والورع عن المعصية المانع عن الكذب ، وإلّا فأصل العدالة كان منتفيا.
والرابع بضعفه سندا ودلالة ، لعدم العلم بما هو المراد من المروّة فيه ، بل قيل : إنّ استعمال المروّة بالمعنى الذي ذكره الأصحاب غير معروف في كلامهم ، وحينئذ فالأظهر حمله على بعض المعاني المرويّة عنهم في تفسيرها. انتهى.
قال والدي العلّامة (١) : ورد تفسيرها في الأخبار بغير هذا المعنى ، ففي مرسلة الفقيه (٢) عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّ المروّة استصلاح المال ».
وفي أخبار أخر (٣) : إنّها إصلاح المعيشة. وفي ثالث (٤) : إنّها ستّة ، ثلاثة في الحضر : تلاوة القرآن ، وعمارة المساجد ، واتّخاذ الإخوان ، ومثلها في السفر ، هي : بذل الزاد ، وحسن الخلق ، والمزاح في غير معاصي الله سبحانه.
وفي رابع (٥) : إنّها أن يضع الرجل خوانه بفناء داره ، إلى غير ذلك. وليس في شيء من هذه المعاني المروية ما يوافق ما ذكره الأصحاب في معنى المروّة. انتهى.
نعم ، روي في الموثّق (٦) : « من عامل الناس فلم يظلمهم ، وحدثهم فلم يكذبهم ، ووعدهم فلم يخلفهم ، فهو ممن كملت مروّته ، وظهرت عدالته ، ووجبت أخوته ، وحرمت غيبته » إلّا أنّ غايته الدلالة على توافق العدالة وكمال المروة في حصولهما باجتناب تلك المعاصي الثلاث.
فإن قلنا : بكونها جميعا من الكبائر ، فهي من تلك الجهة قادحة في العدالة ، وأين
__________________
(١) مستند الشيعة ٢ : ٦٢٩.
(٢) وسائل الشيعة ١١ : ٤٣٦ ، الباب ٤٩ من أبواب آداب السفر ، الرواية ١٥١٩٣.
(٣) روضة الكافي : ٢٤١ ، معنى الشرف والمروة والعقل ، الحديث ٣٣١.
(٤) وسائل الشيعة ١١ : ٣٢٠ ، الباب ٤٩ ، الرواية ١٥١٨٤.
(٥) نفس المصدر : الرواية ١٥١٩٦.
(٦) نفس المصدر ٨ : ١١٦ ، الباب ١١ من أبواب صلاة الجماعة ، الرواية ١٠٧٧٢.