هو من معنى المروّة الذي ذكره الأصحاب.
وإن لم نقل به فمقتضى مفهومه أنّ من لم يجمع الثلاثة لا يجمع الأربعة ومنها كمال المروّة ، وأين هو من اشتراطها في العدالة؟
واستدلّ الآخرون بوجوه :
منها : الأصل. قال في مجمع الفائدة (١) : دخول المروة في العدالة غير بيّن ؛ للأصل ، ولعدم ثبوتها معها ، لا شرعا ولا لغة.
ومنها : خلوّ الأخبار عن بيان توقّف العدالة على المروّة.
أشار اليه في مجمع الفائدة (٢) ، والمدارك (٣) ، والذخيرة (٤) ، والكفاية (٥) ، والرياض (٦).
ومنها : أن عدم قدح ارتكاب الصغائر في العدالة يستلزم عدم قدح ارتكاب خلاف المروّة فيها بطريق أولى.
أقول : حقّ المقام أنّ مراد القائلين بتوقّف العدالة على المروّة ، إن كان بحسب نفس الأمر ، فهو مجرّد دعوى لا دليل عليها ، وإطلاق الأدلّة حجّة عليها ، بل عدم الدليل مع توفر الدواعي وقبح ترك البيان في الأخبار المفسّرة مع تكثر الحاجة يؤمي إلى عدمه واقعا.
مضافا إلى الفحوى المشار إليها في الدليل الأخير ، في أقل ما يصدق عليه خلاف المروّة بالمعنى الذي ذكروه ، الذي يتعدّى عنه إلى غيره بعدم القول بالفصل.
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان ١٢ : ٣١٢.
(٢) نفس المصدر.
(٣) مدارك الأحكام ٤ : ٦٨.
(٤) ذخيرة المعاد : ٣٠٥.
(٥) كفاية الأحكام : ٢٧٩ ، كتاب الشهادات.
(٦) رياض المسائل ٩ : ٤٥٢.