الفقيه (١) ، مضافا إلى كونه إعانة على البرّ ، ورجحانها ثابت بالكتاب والسنة.
والاعتراض عليه أوّلا : بمنع كون الغناء معينا على البكاء ، وإن سلّم إعانة الصوت عليه ، ولو لاشتماله عليه ، لكونه غير الغناء.
وثانيا : لو سلّم فكونه على البكاء على شخص معيّن غير مسلّم ، وإنّما هو لأجل تذكر أحواله ، ولا دخل للغناء فيه.
وثالثا : لو سلّم ، فعموم رجحان الإعانة على البرّ ـ ولو بالحرام ـ غير ثابت.
ورابعا : لو سلّم ، فيعارض أدلّته أدلّة حرمة الغناء ، والترجيح للثانية بالأظهرية والأكثرية ، بل ربما يظهر من بعض أفاضل معاصرنا ، نفي أضل التعارض ، وبقاء دليل الحرمة سالما عما يعارضه ، قائلا بعدم وقوع المعارضة في أمثال تلك العنوانات المختلفة ، ولذا لا يتعارض ما دلّ على استحباب قضاء حاجة المؤمن ، لما دلّ على حرمة الزنا واللواط ، إذا طلبه المزني بها.
مدفوع ، أمّا الأوّل : فلمخالفته الوجدان ، وظهور الفرق في الإبكاء بين الأصوات والألحان. ووجه ما أشرنا إليه من أنّ الغناء في مثل ذلك يثير حزنا ، إذا أضاءت أثره إلى الدماغ ، يدمع العين ، ويحصل البكاء ، وإذا أضاءت الى الروح ، يتموّج ويظهر منه الصياح والاضطراب. فالغناء له مدخل في البكاء ، وهو كاف في صدق الإعانة عليه ، وإن لم يكن سببا تامّا.
ومنه يظهر ما في الثاني : فإن تذكر الشخص الخاصّ ، وإن لم يكن لأجل الغناء ، ولكن كونه تذكرة موجبا للبكاء ، قد يحصل بإعانة الغناء المرقّق للقلب ، المهيّج للحزن على من يرثى عليه.
وأمّا الثالث : فرجحان الإعانة على البرّ أمر معلوم الإجماع والكتاب والسنة ،
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٧ : ١٢٢ ، الباب ١٥ من أبواب ما يكتسب به ، الرواية ٢٢١٥٠.