يحكم به بكونه عدلا مقبول الشهادة ، وجائز الاقتداء في الإمامة ، وإن دار الاحتمال في حقّه في كونه عادلا أو فاسقا في الواقع. والظاهر كونه إجماعيا أيضا. وسرّه : أنّ وجود التابع اللازم ليس سببا لوجود المتبوع ، حتى يترتّب عليه ، بل دلالة اللازم على الملزوم ، إنّما هي باعتبار تابعيّته له في الوجود ، وكون وجوده مسببا عن وجوده وفرعا له ، تحقيقا لمعنى الملازمة والتابعية المقتضية للدلالة ، فيكشف وجوده عن سبق وجوده كشف الأثر عن سبق وجود المؤثّر.
وهذا يستقيم في الوجود النفس الأمريّ ، لا في وجوده الظاهريّ الاستصحابيّ المسبب عن دليل تعبديّ ، فإنّه بهذا الاعتبار ليس وجوده باعتبار لزومه وتبعيته للملزوم وترتّبه على وجوده ، بل هو محكوم في الظاهر بثبوته استقلالا ، تعبّدا شرعا ، بملاحظة نفسه من حيث هي مع قطع النظر عن لوازمه.
فجهة اللزوم النفس الأمريّ مرتفعة بينهما باعتبار هذا الوجود التعبديّ ، ولا دليل على ملازمة أخرى بينهما في هذا الوجود ، فلا يكشف وجوده التعبّديّ الاستقلاليّ عن وجوده ، ففي المثال المذكور ، جواز مجالسة الناذر لمجهول الفسق ، ليس باعتبار عدالته النفس الأمرية ، ولا لعدالته التعبّدية ، حتّى يكشف عنها ، بل لكونه غير معلوم الفسق. والجواز بتلك الجهة ليس لازما للعدالة ، فلا يكشف عنها.
ونحو الحكم الاستصحابيّ ما ثبت بأصل البراءة ، فلا يثبت به ملزومه الواقعيّ ، فلا يحكم بأصالة طهارة ما يشكّ في كونه ماء أو خمرا ، بصحّة الوضوء منه والتطهير به ، فإنّ تلك الطهارة ليست لازمة لمائيته ، بل يعمّ الماء والمشتبه بالخمر ، فلا يكشف عنه ، لعدم دلالة العام على الخاص ، بخلاف الطهارة الواقعية.
فإن قلت : الموضوع لا يخلو ، عن كونه ماء أو خمرا ، فحيث يحكم بكونه طاهرا يلزمه الحكم بعدم كونه خمرا ، لمنافاته الطهارة ، فيكون ماء لعدم احتمال ثالث.