وأما في غير الصورة ، فظاهرهم الاتفاق على تقديم الاستصحاب ، استنادا إلى أن العمل بالأصل إنّما يكون إذا لم يعلم الشغل بدليل شرعيّ.
وفيه : أنّه يعارض بالمثل. اللهمّ إلّا بإرجاع التعارض بينهما بالمزيل والمزال ، نظرا إلى أنّ مقتضى الاستصحاب ـ وهو بقاء شغل الذمّة ـ رافع للبراءة الأصلية السابقة ، ولا عكس ، لعدم كون البراءة الأصلية سببا لزوال الحكم وارتفاع الشغل ، بل يكشف عنه كشف اللازم عن الملزوم.
ولبعض المحققين توجيهه : بأنّ دليل الاستصحاب أخصّ من دليل الأصل ، لأنّه استصحاب كل شيء بخصوصه ، وعدم نقض اليقين بالشك دليل الدليل ، فعموم « لا تنقض بالقياس إلى أفراد الاستصحاب » كعموم : « إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ » ، بالنسبة إلى آحاد الأخبار ، فكما أن ذلك لا ينافي كون الخبر خاصّا إذا اختصّ مورده ، لكون العبرة في العموم والخصوص بنفس الأدلّة ، لا بأدلّة الأدلّة ، فكذا هذا. انتهى. وفيه نظر يظهر بالتأمل.