والأوّل : فيه تجوّز أو تقدير ، لا دليل عليه. مع أنّ النهي لا يناسب قوله : « في الإسلام » المذكور في بعض الروايات ، الذي يصلح لكونه قرينة لتقييد غيره من المطلقات به ، مضافا إلى منافاته ـ سيما على النهي ـ لاستدلال الفقهاء ، بحيث يظهر منهم الاتفاق بنفي الضرر على ما يعمّ إضرار العباد بعضهم على بعض ، كعدم وجوب الحجّ مع خوف الطريق ، ونحوه.
وتوهّم تعميم التحريم بما يشمل صدقه على فعل الله سبحانه غير معقول ، سيما إذا قلنا بكون الخبر في مقام بيان الحكم لا الإخبار ، كما زعمه المتوهّم. وكذا ينافي استدلالهم به على الأحكام الوضعية المجرّدة عن الحكم التحريميّ ، كثبوت الخيار للمغبون. وتوجيه التحريم فيه بحرمة امتناع الغابن عن الردّ بعد فسخ المغبون غير صحيح ، إذ ليس هو للضرر ، بل لكونه من لوازم صحّة الفسخ ، وإلّا كان إقدام الغابن على البيع مع علمه بالتفاوت ، وعدم إعلامه المغبون الجاهل أولى بالتحريم. مع أنه لا قائل به.
وكذا الثاني ، بل هو أبعد من الأوّل ، في اشتماله على التقييد البعيد ، فالمعنى الأخير أظهر المحامل ، كما نصّ به والدي العلّامة (١) وتبعه غيره ، بل لعلّه يوافق الحقيقة. ولا تجوّز فيه أصلا ، لأنّ جعل الإسلام ظرفا للضرر المنفيّ ليس إلّا لعدم كون الإسلام مضرا ، وعدم تشريع حكم ضرريّ فيه ، فهو المتعيّن لما فيه نفي الضرر من الأخبار.
نعم ، قد يستلزم هذا المعنى الحكم التحريميّ وقد يستلزم الحكم بالضمان خاصة ، كما ستسمع. وأما سائر الأخبار ، فظاهر بعضها التحريم كالمكاتبة : « يتّقي الله ، ويعمل في ذلك بالمعروف ، ولا يضارّ بأخيه المؤمن » وبعضها تدلّ على مجرّد
__________________
(١) عوائد الأيام : ٤٩.