دعاء الحاجة ، بل هو المستفاد من ظهور اتفاقهم على ضمان من أجّج نارا زائدا على قدر الحاجة مع ظن التعدّي.
والدليل عليه : ما تبين من تقدّم قاعدة الضرر المقتضية للحرمة والضمان ـ حسب ما مرّ ـ على قاعدة التسليط ، وورودها عليها.
فان قلت : مع الضمان لا ضرر ، فلا تحريم.
قلت : بذل العوض ـ فضلا عن مجرّد الحكم بالضمان ـ جبر للضرر الواقع ، فلا يخرج الفعل عن صدوره إضرارا ، فيكون محرما ، كما أشرنا إليه فيما تقدّم ، مضافا إلى أنّ مقاصد الناس غير منضبطة ، فقد يكون عين ما فاته أعود له من عوض المثل. مع أنّه يمكن أن نقول : إطلاق قوله « الناس مسلّطون » ، في مقام بيان حكم جهة المالكية ، فلا ينصرف إلى تعميم الجواز باعتبار سائر الجهات.
ويدلّ عليه أيضا ، أنّه على تسليم التعارض ، فحديث نفي الضرر ـ أيضا ـ أخصّ مطلقا من عموم الثاني ، لاختصاص مورد حديث سمرة بالضرر الناشئ عن التصرّف في ملكه ، فيخصّص به.
وما قد يتوهّم من أنّ الضرر المنفيّ فيه ليس لتصرف سمرة في ملكه ، بل لتعديه بدخوله من غير إخبار واستيذان ، ولا مدخل له في التصرف في الملك ، ضعيف ، لأنّ دار الأنصاري طريق عذقه ، فهو تصرّف في حقه ، غير أنه تصرّف إضراريّ ، ولو لا ذلك لما تمسّك للمنع بالإضرار ، بل بدخول ملك الغير بغير إذنه.
ويؤيّد ترجيح حديث الضرر ـ بل يدلّ عليه ـ أظهريته دلالة ، فإنّه بالعموم الاستغراقيّ الوضعيّ ، والآخر بالإطلاق الحملي ، فهو من باب تعارض النصّ والظاهر الموجب لحمل الظاهر على ما يوافق النصّ بقرينة النصوصية.
وربما يعلّل تقديم نفي الضرر بظهور الفتاوى ، ودلالة الاستقراء على غلبة الحرام