مسلّطون » ، واقتضاءها الضمان بما أشرنا إليه ، من أنّ ترخيص الشارع في إضرار الغير من غير ضمان ـ مع صدق التقصير العرفيّ باعتبار عدم غفلته وعدم تضرّره بتركه ـ حكم ضرريّ على المتضرّر.
وإن كان تصرّف المالك لدفع ضرر يتوجّه إليه ، ولو هو فوات المنفعة المقصودة منه عرفا ، فالظاهر جوازه ، بل لعلّه لا خلاف فيه ، لأنّ حبسه عن ملكه وإلزامه بتحمّل الضرر لئلا يتضرر الغير حكم ضرريّ ، مضافا إلى عموم « الناس مسلّطون ».
فإن قلت : قد تقدّم في تعارض الضررين ، أنّ مقتضى قاعدة الضرر عدم جواز إضرار الغير لدفع الضرر عن النفس.
قلت : ما ذكر ثمّة كان باعتبار صدق الحكم الإضراريّ على تجويز إضرار الغير وعدم صدقه على بقاء ضرر الآخر ، لعدم حصوله بحكم الشارع ، وعدم وجوب دفعه عليه ، وهذا يتمّ في غير صورة التصرّف في ملكه ، وأمّا فيها ، فمنعه عن التصرّف في حقه لدفع الضرر عن نفسه ، وحبسه عن ماله ضرر عظيم ، وحكم إضراريّ منفيّ بالقاعدة. غاية الأمر تعارض الضررين فيها ، وسقوط قاعدة الضرر من البين ، لاستلزامها التدافع ، فيرجع إلى عموم « الناس مسلّطون » ، مضافا إلى أصل الإباحة.
وما قيل : يعارضه أصل إباحة المنع ، يدفعه ما مرّ ، من كون الأوّل مزيلا للثاني.
وعن بعضهم : وجوب ملاحظة مراتب ضرر المالك والغير ، فإن أريد به في حكم جواز التصرف وإباحته ، فيخالف كلمات الفقهاء ، ولعلّ اتفاقهم عليه ، إلّا إذا كان ضررا فاحشا يجب تحمل الضرر لدفعه على كلّ أحد ، ما لم ينجرّ إلى الحرج ، كإهلاك النفس المحترمة.
وإن أريد به في الضمان فغير بعيد ، ولعلّه مراد القائل به وعليه يحمل إطلاق قول الشهيد في موضع من الدروس ، بالضمان في تأجيج النار في ملكه على قدر الحاجة ، مع ظنّ التعدّي.