إلّا أن يقال : أمثال تلك التصرفات ظاهرة بنوعها في العمد والعلم بالغلبة العادية ، فبضميمة حمل فعل المسلم على الصحة يدلّ على إرادة الفسخ ، وإن كانت بأشخاصها محلّ الشك في موارد ، لعروض ما يصرفها عن الظهور فيها.
وبالجملة : المعيار في الظهور هو النوعي دون الشخصي ، فإنّ حكم الفعل في ذلك كاللفظ ، فكما أنّ الظهور المعتبر في الألفاظ عرفا وشرعا هو الظهور الشأني ، ما لم يصرفها عنه قرينة صارفة إلى ظهور شخصي ، كما في حمل الألفاظ على الحقائق ما لم يظهر القرينة الصارفة ، فكذا الظهور المعتبر في الأفعال بالنسبة إلى مدلولاتها العرفية فيما يتعلّق به من الأحكام الشرعية ، لأن الشرع يتّبع العرف وما جرت عليه عادة الناس في مقام التفهيم والتفاهم ، ولا شكّ أنّ العرف في إظهار مقاصدهم وإعلام ضمائرهم يقفون على ما يقتضيه الدوال بأنفسها ، قولا كانت أو فعلا ، ولا يخرجون عنه إلّا بدليل صارف.
وكيف كان ، فيشترط في الفعل الفاسخ دلالته على الرضا بالانفساخ ، ولا هكذا التصرف المسقط للخيار ، بل يكتفي فيه بالدلالة على الرضا بالملك دون لزومه ، كما يظهر من إطلاق الفتاوى والنصوص ، على ما بيّنا سرّه وتوجيهه في خيار الحيوان.
فما عن جماعة كالشيخ (١) وابني زهرة (٢) وإدريس (٣) والعلّامة (٤) وغيرهم أنّ التصرف : إن وقع فيما انتقل عنه كان فسخا ، وإن وقع فيما انتقل إليه كان إجازة ، الظاهر بحكم المقابلة [ في ] أنّ كلّ تصرف يحصل به الإجازة يحصل به الفسخ ليس
__________________
(١) المبسوط ٢ : ٨٣ و ٨٤.
(٢) الينابيع الفقهية ١٣ : ٢١٤.
(٣) الينابيع الفقهية ١٤ : ٢٩٥.
(٤) تذكرة الفقهاء ١ : ٥٣ ؛ الينابيع الفقهية ١٤ : ٥٣٥.