والقول بأنّ الواجب في الموسع هو الأوّل أيضا ، والتأخير من جهة إذن الشارع في البدل سخيف جدّا ، كما حقّق في محلّه ، فالمجعول بحكم الشرع ليس إلّا أمرا واحدا محدودا بزمان معيّن موسع يتّجه عليه.
ولا يتوهّم أنّ ترجيح الموسع به مبنيّ على ترجيح ما يخالف الأصل الأقلّ على ما يخالف الأكثر ، وإن لم يكن الأقلّ داخلا في الأكثر ، وهو خلاف التحقيق على ما حرّرناه في الأصول.
لاندفاعه بما سبق من عدم كون المقصود إثبات الموسّع بالأصل عند الترديد بينه وبين ما يتضيّق فورا ففورا ، بل إثبات جواز التأخير وإن أفاد ضمّه إلى المعلوم الإجمالي فائدة الموسع كما عرفت.
وثالثة باعتبار البراءة عن وجوب تأخّر الحاضرة واشتراطها بالترتيب على الفائتة ، لأنّ الحقّ ترجيح أصل البراءة على أصل الاشتغال في شروط العبادة وأجزاءها ، لكونه مزيلا على ما بيّنّاه في محلّه ، وهذا الأصل حجة على من يقول ببطلان الحاضرة من أصحاب المضايقة عند البدأة بها.
الثاني : الاستصحاب ، فإنّ مقتضاه جواز الحاضرة المعلوم قبل تذكر الحاضرة بعده وعدم وجوب العدول عليه إذا كان الذكر في الأثناء ، ويتمّ بعدم القول بالفصل.
الثالث : العمومات (١) الدالّة بإطلاقها على جواز فعل الحاضرة في سعة وقتها وإن كانت عليه فائتة ، كقوله سبحانه ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ ) (٢).
والإيراد عليه بأنّه لو تمّ لدلّ على تقديم الحاضرة ولا قائل به ، مدفوع بكون الأمر للوجوب التخييري قطعا ، إذ لا معنى للوجوب العيني إلى غسق الليل.
__________________
(١) وسائل الشيعة ٨ : ٢٥٦ ، الباب ٢ من أبواب قضاء الصلاة ، الرواية ١٠٥٧٤.
(٢) الإسراء (١٧) : ٧٨.