وهو تارة باعتبار البراءة عن وجوب التعجيل وحرمة التأخر ، لأنّه تكليف زائد على وجوب نفس الفعل ، فيصحّ نفيه بالأصل.
فإن قلت : الوجوب الموسع يضادّ المضيق ، وهو ـ أيضا ـ تكليف صحّ نفيه بالأصل ، فيعارض الأوّل.
قلت : ليس غرضنا إثبات الوجوب الموسّع بالأصل حتى يعارض فيه الأصلان ، بل المقصود نفي وجوب التعجيل وعدم حرمة التأخير ، ولا معارض له في نفسه من حيث هو فعل مجهول الحكم ، إلّا أنّه يفيد منضمّا إلى ما هو المعلوم إجمالا من الوجوب المردد بينهما فائدة الموسّع ، من قبيل نفي حرمة الترك التي هي فصل الوجوب فيما علم الرجحان والطلب مرددا بين الوجوب والاستحباب ، فإنّه وإن لم يثبت منه الاستحباب ، لعدم كونه مقتضى الأصل ، فإنّ مقتضاه ليس إلّا مجرد جواز الترك لا الاستحباب المأخوذ في ماهيّته جوازه قيدا للرجحان ، إلّا أنّ جميع هاتين القضيتين واعتبار تركيبهما يفيد فائدة الاستحباب.
ومن ذلك ما إذا علم انتقال عين من أحد إلى آخر ، مردّدا بين كونه بالبيع أو الإجارة ، فإنّ نسبة الأصل إلى نفيهما على السواء فيتعارضان ، فيرجع إلى ما يقتضيه الأصل في لوازمهما ، وهو بقاء الملكيّة الموافق لعدم البيع دون الإجارة لانتقال المنفعة على التقديرين.
وأخرى باعتبار البراءة عن الواجبات المتعدّدة اللازمة للقول بالمضايقة ، فإنّ القائل بالتضييق لا ينكر الوجوب في الآن الثاني عند العصيان بتركه في الأوّل ، وهكذا ثالثا ورابعا وظاهر أنّ الوجوب الثاني الذي لم يحصل المخالفة فيه بعد غير الأوّل الذي حصل فيه المخالفة والعصيان.
وأمّا على المواسعة ، فالواجب واحد ، وهو نفس الفعل.