قوانين الخلقة . فالرجل العاقل يجب أن يصون نفسه من التخلف عن هذا القانون فيجتنب عن الخمرة كي يبقى إلى آخر العمر في حصن منيع من عواقبها الوخيمة . ولكن الجاهل ظناً بالقدرة على المقاومة أو اعتماداً على تحقيق اللذة العاجلة يلوث نفسه بها فيتسمم تدريجياً . ولا تمضي مدة طويلة حتى يقضي أعزَّ أيام شبابه في زاوية المستشفى مع جسم نحيف وكبد ملتهب ومتورم ، وأعصاب مختلة ومرتعشة ، وبتلك الصورة يتجرع آخر لحظات حياته غصصا وهموماً لقاء تخلفه عن القانون الكوني .
يقول النبي العظيم صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لا تعادوا الأيام فتعاديكم » (١) .
وكذا ورد عن الإِمام علي عليهالسلام أنه قال : « من كابر الزمان غُلب » (٢) فالذي يعاند الزمان يهلك .
وعن الإِمام الجواد عليهالسلام راوياً عن جده صلىاللهعليهوآلهوسلم : « من عتب على الزمان طالت معتبته » (٣) . فالذي ينظر إلى الدنيا نظرة المتشائم المتنكر ويعاتب الدنيا سخطاً عليها ، فإن عتابه سيطول من دون جدوى .
ومن هنا يتحتم على الآباء والأمهات الذين يأملون أن ينشأ منهم أطفال عقلاء سالمون أن يراعوا جميع القوانين التكوينية من الجانبين الجسدي والروحي . فكل عيب أو إنحراف يظهر في سلوك الأطفال ـ مهما كان حقيراً ـ فإن العلة في ذلك هو التخلف عن بعض السنن الإِلهية في هذا الكون العظيم .
ومن خلال الحديث الذي أملاه الإِمام الصادق عليهالسلام على تلميذه المفضل ابن عمر الجعفي في موضوع التوحيد ، نقتطف الفقرة التالية فقد كان الإِمام يتحدث عن بلوغ الأولاد وإنبات الشعر في وجوههم فسأله المفضل قائلاً : « يا مولاي ، فقد رأيت من يبقى على حالته ولا ينبت الشعر في وجهه وإن بلغ حال
____________________
(١) سفينة البحار مادة ( يوم ) ص ٧٤١ . وواضح أن العداء مع الأيام لا يعني إلا التخلف عن قوانينها وعدم الإِنقياد للسنن الكونية الصارمة .
(٢) تحف العقول ص ٨٥ .
(٣) بحار الأنوار للمجلسي ج ١٧ / ١٠١ الطبعة القديمة .