نظير الجزاء والعقاب البشري في أنه يرجع إلى إرادة البشر واختيارهم .
وهكذا فإن لكل منا أن يقرر مصيره بيده . وما أكثر أولئك الذين يدفعهم الكسل وحب الذات إلى التقصير في أداء الواجبات الإِجتماعية اللازمة ، ثم ينسبون الشقاء الذي يلاقونه إلى القضاء والقدر ، في حين أنهم كانوا يملكون الحرية الكاملة ، ولم يستغلوا هذه الحرية استغلالاً حسناً بل أساؤا التصرف إليها وجلبوا الشقاء لأنفسهم ! ! .
إن الله تعالى يقرر في القرآن الكريم أن الذين يرثون الأرض ولهم الحق في أن يقودوا بزمامها هم الرجال الصالحون فقط :
( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ) (١) .
والعباد الصالحون هم الذين وصلوا إلى جميع مدارج الكمال المادي والمعنوي بفضل الإِيمان والعلم . وفي ظل الفضائل الخلقية والملكات الطاهرة ونتيجة الجهد والجد . . . وبذلك صاروا يستحقون إسم الإِنسان الحقيقي .
إن القضاء الحتمي والذي لا يقبل التخلف في هؤلاء الرجال الصالحين هو أن يرثوا حكومة الأرض ولكن الوصول إلى مقام الصلاح واستحقاق تلك الدرجة ( قدرَ ) إختياري يتعلق به ذلك القضاء الحتمي . . . وهؤلاء هم الذين يتمكنون أن يتبعوا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بإرادتهم واختيارهم ويصلوا إلى المقام الذين يستحقون معه وراثة الأرض . وهم الذين إن إستغلوا حريتهم التي وهبها الله إياهم استغلالاً سيئاً هووا إلى هوة سحيقة من الجهل والإِلحاد والفساد والكسل والأنانية .
نستنتج مما سبق أن العالم كله يدار بواسطة القضاء والقدر . أي أن السنن الإِلهية هي التي تحكم في هذا الكون . وكذلك الأمور التي ترتبط بالإِنسان. فإنها خاضعة للقضاء والقدر ، غاية ما هناك أن جانباً من القضاء
____________________
(١) سورة الأنبياء ؛ الآية : ١٠٥ .