واستعدادته الفطرية ـ قابلاً لتلقي الإِيمان والخلق والفاضل . . . وهو لا يخيب أمل أي فرد ، بل يحاول البحث في أعماق فطرته للوصول إلى القيم الحية التي يمكن أن تنمي وتستخرج من بين زوايا النفس وتجلي فتبعث على الحياة من جديد .
ومن النماذج الحية لاعتناء الإِسلام بتربية الأفراد الذين يرثون الصفات الرذيلة عن أبويهم سلوكه المفضل مع الأطفال اللاشرعيين . إن مما لا شك فيه أن ولد الزنا يحمل في فطرته صفات شريرة ـ كما سنثبت ذلك إن شاء الله ـ ولكن الإِسلام يعتبره قابلاً للتربية بدليل أنه يدعوه لتلقي التعاليم الإِيمانية والخلقية والسلوك الخيَر المؤدي إلى السعادة .
ومن الواضح أنه لو كان منقذ البشرية ورسول الإِسلام العظيم يرى في الإِنحراف والشقاء مصيراً حتمياً لأولاد الزنا ويعاملهم معاملة المجانين الفطريين الذين لا يقبلون العلاج . . . لما كان يدعوهم إلى دين الله (١) .
لقد وضع الإِسلام وجميع الأديان السماوية قواعد وقوانين خاصة للزواج . ولذلك فقد اعتبرت الشرائع السماوية الخروج عن تلك القوانين أمراً غير مشروع ، فالزنا يعتبر جريمة شنيعة . وكثير من الملل التي لا تملك شريعة سماوية قد وضعت قوانين خاصة لمنع الإِختلاط غير المشروع ، وبصورة موجزة فإن العلاقة الزوجية الصحيحة في نظر العالم مقيدة بشروط وحدود خاصة .
والطفل الذي يولد من طريق مشروع يكون ولداً قانونياً أما أولاد الزنا فهم يعرفون بالأطفال اللاشرعيين . وفي الإِحصاءات الدولية للسكان يصرح بعدد الأطفال اللاشرعيين بعد إنتهاء تعداد السكان ، وفي هذا دلالة على إختلاف
____________________
(١) لقد رفع الإِسلام التكليف عن قسم من الناس ، منهم المجانين . وهذا دليل على أنه لا يراهم قابلين لتقبّل الدعوة إلى الله كونهم مجانين . ولكنه لم يرفع التكليف عن ولد الزنا حين يبلغ ولو كان الشقاء الحاصل في نفوس أولاد الزنا متأصلاً كالجنون لم يكن معنى لتكليفهم بالتكاليف الشرعية ، فتكلفهم يدل على إمكان إصلاحهم وتغيير سلوكهم .