الواقعي هو الذي لا يكتفي بترك الذنوب فحسب ، بل لا يفسح مجالاً في ذهنه وفكره للتفكير في الذنب ، ولا يدع الفكرة المظلمة تمر بخاطره . . . فإن التفكير في الذنب حتى ولو لم يصل إلى مرحلة التطبيق ، يوجد ظلمة روحية في القلب ويمحو الصفاء الروحي من الإِنسان .
يقول الإِمام أمير المؤمنين عليهالسلام : « صيام القلب عن الفكر في الآثام ، أفضل من صيام البطن عن الطعام » (١) .
ويقول إمامنا الصادق عليهالسلام راوياً عن عيسىٰ بن مريم عليهالسلام أنه كان يقول : « إن موسى أمركم أن لا تزنوا ، وأنا أمركم أن لا تحدثوا أنفسكم بالزنا ، فإن من حدَّث نفسه بالزنا كان كمن أوقد في بيت مزوّق فأفسد التزاويقَ الدخانُ وإن لم يحترق البيت » (٢) . . أي أن فكرة الذنب توجد ظلمة في القلب ـ شاء الفرد أم أبىٰ ـ وتسلب صفاء النفس ، حتى ولو لم يرتكبه الإِنسان .
إن النكات الدقيقة التي أوردها الإِسلام في موضوع السعادة الإِنسانية في القرون السالفة وعلمها اتباعه ، تستجلب أنظار العلماء المعاصرين في العصر الحديث فنراهم يفطنون إلى تلك الحقائق في كتبهم ومؤلفاتهم :
|
« للأمل والإِيمان والإِرادة القوية أثر كبير على الجسم ، وهو يشبه أثر البخار على القاطرة . إن النشاطات الجسدية والروحية تتكامل بدافع الحب فتكسب الشخصية قوة ورصانة وكمالاً . وعلى العكس فإن الرذائل تحط من الشخصية وتسحقها . إن الكسل والتردد في الرأي مثلاً من أهم العوامل على جمود الفكر . وكذلك العجب بالنفس والغرور والحسد فأنها من عوامل التفرقة والتباعد بين الناس ، وهي جميعاً تمنع النفس البشرية من التكامل » (٣) . |
____________________
(١) غرر الحكم ودرر الكلم للآمدي ص ٢٠٣ طبعة دار الثقافة ـ النجف الأشرف .
(٢) وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة للحر العاملي ج ٥ / ٣٧ .
(٣) راه ورسم زندگى ص ٧٢ . وهو ترجمة لكتاب ألّفه بالفرنسية د . ألكسيس كارل . وترجمه إلى الفارسية د . پرويز دبيري.