وإن وجود المذاهب المختلفة والعقائد المتضاربة في جميع العصور بين جميع الشعوب والأقوام دليل واضح على وجود غريزة التدين في فطرة الإِنسان والكل يبحثون عن ضالتهم المنشودة :
( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ، فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ، لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ، ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ) (١) .
هذا هو الأساس الرصين للفطرة ، ويظهر في الميل الغريزي للتدين ومعرفة الله جل وعلا ، وعلى سبيل الاستشهاد نورد النصوص التالية :
١ ـ عن زرارة قال : « سألت أبا جعفر عليهالسلام : ما الحنيفية ؟ قال : هي الفطرة التي فطر الناس عليها . . . فطرهم على معرفته » (٢) .
٢ ـ عن الإِمام الصادق عليهالسلام في قوله تعالى : ( فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ) قال : « فطرهم على التوحيد » (٣) .
٣ ـ عن الرسول الأعظم عليهالسلام : « كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه يهودانه وينصرانه » (٤) .
يستفاد من هذا الحديث أنه يوجد الأساس الأول لتقبل الدين في فطرة جميع الأطفال ، ويستغل الأبوان ـ وهما القائمان على تربية الطفل ـ هذه الثروة الفطرية ويربيان الطفل على الدين الذي يريدانه . فإن لم تكن غريزة التدين موجودة في فطرة الإِنسان لم يكن معنى لتأثير توجيه الوالدين في اعتناق الطفل لدين معين طيلة حياته .
٤ ـ عن الإِمام الصادق عليهالسلام : « ستة أشياء ليس للعباد فيها صنع : المعرفة ، والجهل ، والرضا ، والغضب ، والنوم ، واليقظة » (٥) .
____________________
(١) سورة الروم ؛ الآية : ٣٠ .
(٢) البحار للمجلسي ج ٢ ص ٨٧ .
(٣) المصدر السابق ج ٢ ص ٨٨ .
(٤) المصدر السابق ج ٢ ص ٨٨ .
(٥) إثبات الهداة بالبراهين والمعجزات للشيخ الحر العاملي ج ١ ص ٨٥ .