تطلب ذلك من طريق الإِجرام ، لأن النهاية هي البؤس والحرمان.
إن أصدق شاهد على كلمة الإِمام الحسين عليهالسلام الآنفة الذكر ، نجده في تاريخ ألطف بصورة جلية ، فإن عمر بن سعد بن أبي وقاص كان يميل بشدة للحصول على إمارة ( ري ) ، وكانت أوهام الرئاسة على تلك المدينة وقيادة زمامها قد عاشت في مخيلته ، حتى راح يضحي بكل شيء عنده للوصول إلى هدفه. وأخيراً لم يجد بداً من أن يسلك مسلكاً غير مشروع لتحقيق أمنيته هذه فارتكب أشنع الجرائم وأبشعها في تاريخ البشرية وهي قتل الحسين عليهالسلام وأصحابه مع تلك الحالة المفجعة الممضة غير القابلة للوصف . كل ذلك أملا في الحصول على إمارة ( ري ) . . . وأخيراً ـ وبالرغم من إرتكابه تلك الجريمة العظمىٰ ـ لم يصل إلى هدفه ، وخاب ظنه وخسر الدنيا بعد خسرانه الآخرة . . . هذا غير الوخز المؤلم من الضمير له والإِيقاع به في شبكة من الأمراض الروحية والعصبية ، نتيجة لخيانته الكبرىٰ تلك . . . وكانت نهاية حياته أن وقع فريسة دسمة بأيدي الثوار الذين نهضوا يطالبون بدم الحسين بقيادة المختار الثقفي ، وتحققت فيه قولة الإِمام عليهالسلام : « من حاول أمراً بمعصية الله ، كان أفوت لما يرجو وأسرع لما يحذر » .
هذه نبذة يسيرة عن الذنب وبعض نتائجه وآثاره ، تطرقنا إليها كتمهيد للبحث وذلك بمناسبة قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في جواب علي عليهالسلام : « أفضل الأعمال في هذا الشهر ، الورع عن محارم الله » .
نسأل الله عز وجل أن يوفقنا في هذا الشهر ، وفي سائر أيام السنة للإِجتناب عن السيئات والجرائم . وبذلك نجلب رضى الله تعالى بالحصول على السعادة في الدنيا ، والنعيم في الآخرة .
وفي نهاية المطاف أود أن أشير إلى أن بحثنا في
المحاضرات القادمة سيدور حول أساس السعادة في تربية الطفل . وعليه فلا بد ـ كتمهيد لفهم الموضوع ـ من ذكر بعض المقدمات المرتبطة به . . . فنبحث ـ أولاً ـ في أصل السعادة ، ودور الوالدين في تحقيق سعادة الطفل وشقائه ، والمقارنة بين التربية والوراثة . ثم ندخل إلى صلب الموضوع . ولا يخفى أننا في ضمن بحثنا عن