انهم يقولون أن العالم يشبه ذلك التل المبعثر والقائم على غير قياس ونظام . . . الموجود نتيجة جرف السيل لتلك المواد الإِنشائية .
أما الإِلهيون فانهم يرون أن مظاهر النظام والترتيب الدقيق تبدو في كل زوايا الوجود ، وإن الصدفة العمياء والطبيعة الفاقدة للإِرادة والوعي غير قادر على أن توجد هذا الأثر الحكيم والمليء إدراكاً ووعياً . إن الله العالم القادر الحكيم هو الذي أقام نظام الكون على أساس المحاسبة الدقيقة والنظام المتقن ، وبعبارة أوضح : فإن هذا الكون أشبه بتلك العمارة المنظمة الجميلة التي أنشأها تفكير المهندس القدير وعلمه ، حيث نجد كل شيء مستقراً في محله حسب قياس صحيح ـ
لقد استدل العالم الشهير ( داروين ) على عقيدته بالنسبة إلى الله تعالى في رسالة له إلى عالم ألماني عام ١٨٧٣ م بهذه الصورة :
|
« إن العقل الرشيد والفكر السليم لا يشك أبداً في إن من المستحيل أن يوجد هذا الكون الفسيح مع هذه الآيات الواضحة والشواهد المتقنة ، مع هذه النفوس الناطقة والعقول المفكرة نتيجة للصدفة العمياء الجاهلة . ذلك إن الصدفة العمياء لا تستطيع أن توجد نظاماً دقيقاً وبناء قويماً . وهذا في نظري أكبر شاهد على وجود الله . أنا لا أبحث عن بقية البراهين والأدلة التي تثبت وجود الله ، لأن باستطاعة هذا البرهان وحده أن يقنع كثيراً من الباحثين والمتتبعين » (١) . « يقول العالم
الذائع الصيت ( أنيشتين ) : يندر أن نجد شخصاً لا يملك بين أفكاره العلمية العميقة شعوراً دينياً . لكن ذلك الشعور الديني يختلف عن شعور البسطاء . إن شعوره الديني يكون في الغالب بصورة حيرة مجذوبة نحو الإِنسجام الدقيق المشاهد في |
____________________
(١) أصل الأنواع ـ مقدمة الترجمة الفارسية ـ ص ٢٦ .