ومعدة للعمل في الحمام والمغسلات ، والسلالم تربط طوابق العمارة ببعضها حسب هندسة دقيقة . . . وبصورة موجزة فإن كل شيء في ذلك البناء موضوع في محله والنظام يسيطر على جميع أجزاء البيت .
أما حين يذهب العقلاء إلى التل الذي صنعه السيل ، فلا يجدون نظاماً هناك . فأحجار الرخام قد ركدت تحت الطين وأعمدة الحديد مبعثرة هنا وهناك ، والأسلاك متشابكة فيما بينها وملتفة بصورة مشوشة حول الأعمدة والأحجار ، والأبواب مكسرة وشبه مكسرة ، البعض منها بصورة أفقية والآخر بصورة عمودية ، وبصورة موجزة : فإن الشيء الذي يفتقد في نتاج السيل هذا ، هو النظام والقياس الصحيح .
يتضح للناظر العاقل من مقارنة هذين النموذجين أن صانع العمارة كان عالماً ، وأن صانع التل كان فاقداً للعلم والشعور ، ولقد وضع المهندس كل شيء في محله حسب قياسات محاسبات دقيقة أما السيل فلم يكن نتاجه صادراً عن وعي وإرادة بل إن إندفاع الماء قد بعثر كل شيء في مكان ما من دون نظم أو ترتيب .
إن بناء الكون الفسيح ونظامه العظيم مركب من آلاف الملايين من الأجرام الكونية الصغيرة ، والكبيرة ، وإن الكرة الأرضية التي نعيش على ظهرها إنما هي جزء صغير من تلك الأجرام التي لا تعد ولا تحصىٰ ، وأن الأحياء على ظهر هذا الكوكب من نبات وحيوان وإنسان كل منها ذرة صغيرة جداً بالنسبة إلى الكرة الأرضية نفسها . إن فطرة كل فرد ترشده إلى أن لهذا الصنع العظيم صانعاً وأن لهذا البناء المحير وهذا الأثر العجيب مؤثراً . وإن الإِلهيين والماديين ويتفقون في هذا الأمر الفطري لكنهم يختلفون في معرفة هذا الصانع وتعيين هذا المؤثر .
يرى الماديون ـ أي المنكرون لله ـ إن الكون العظيم
نتيجة الصدفة فقط فهناك ملايين الحوادث غير الإختيارية والعوامل غير الإِرادية طوال آلاف الملايين من السنين إجتمعت لتوجد هذا الأثر وتنشىء هذا البناء وبعبارة أوضح .